للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا: ما رَوى أبو داودَ بإسنادِه عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ النبيَّ قالَ: «الأصابعُ سَواءٌ، والأسنانُ سَواءٌ، الثَّنيةُ والضِّرسُ سواءٌ، هذهِ وهذهِ سَواءٌ»، وهذا نَصٌّ، وقولُه في الأحاديثِ المُتقدِّمةِ: «في الأسنانِ خَمسٌ خَمسٌ» ولم يُفصِّلْ، يَدخلُ في عُمومِها الأضراسُ؛ لأنها أسنانٌ، ولأنَّ كلَّ ديةٍ وجَبتْ في جُملةٍ كانَت مَقسومةً على العَددِ دونَ المَنافعِ، كالأصابعِ والأجفانِ والشفَتينِ، وقد أومَأَ ابنُ عبَّاسٍ إلى هذا فقالَ: «لا أعتبِرُها بالأصابعِ»، فأما ما ذَكَروهُ مِنْ المَعنى فلا بُدَّ مِنْ مُخالَفةِ القياسِ فيه، فمَن ذهَبَ إلى قولِنا خالَفَ المَعنى الذي ذَكَروهُ، ومَن ذهَبَ إلى قولِهم خالَفَ التَّسويةَ الثابتةَ بقياسِ سائرِ الأعضاءِ مِنْ جِنسٍ واحدٍ، فكانَ ما ذكَرْناهُ مع مُوافَقةِ الأخبارِ وقولِ أكثرِ أهلِ العلمِ أَولى (١).

ديَةُ الثَّديينِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ في ثَديَي المرأةِ الدِّيةَ، وفي أحَدِهما نِصفَ الدِّيةِ.

قالَ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ يُحفظُ عنه مِنْ أهلِ العلمِ أنَّ في ثَديِ المَرأةِ نصفَ الدِّيةِ، وفي الثَّديينِ الدِّيةَ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وفي الثَّديينِ الدِّيةُ، سواءٌ كانَ مِنْ رَجلٍ أو امرأةٍ، أمَّا ثَديَا المرأةِ ففيهِما دِيتُهما، لا نَعلمُ فيه بينَ أهلِ العلمِ خِلافًا، وفي الواحدِ منهُما نصفُ الدِّيةِ، قالَ ابنُ المُنذرِ: أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ


(١) «المغني» (٨/ ٣٥٣).
(٢) «الإجماع» (٦٩٠)، و «الإشراف» (٧/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>