للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَشهدَ كلُّ واحِدٍ منهما على صاحِبِه:

نَصَّ عامَّةُ فُقهاءِ المَذاهِبِ الأربَعةِ على أنَّ شَهادةَ الآباءِ على الأَبناءِ وشَهادةَ الأَبناءِ على الآباءِ مَقبولةٌ إلا في قَولٍ للشافِعيةِ أنَّها لا تُقبَلُ شَهادةُ الوالِدِ على وَلدِه في الحُدودِ والقِصاصِ.

قالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : وأمَّا شَهادةُ كلِّ واحِدٍ منهما على صاحِبِه فمَقبولةٌ عندَ الجَميعِ، إلا ما رُويَ عن الشافِعيِّ في أحَدِ قَولَيه: أنَّها لا تُقبَلُ شَهادةُ الوالِدِ على وَلدِه في الحُدودِ والقِصاصِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : فأمَّا شَهادةُ أحَدِهما على صاحِبِه فتُقبَلُ، نَصَّ عليه أَحمدُ، وهذا قَولُ عامةِ أهلِ العِلمِ.

ولم أَجدْ عن أَحمدَ في الجامِعِ فيه خِلافًا، وذلك لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [النساء: ١٣٥]، فأمَرَ بالشَّهادةِ عليهم، ولو لم تُقبَلْ لَما أمَرَ بها، ولأنَّها إنَّما رُدَّت للتُّهمةِ في إِيصالِ النَّفعِ ولا تُهمةَ في شَهادتِه عليه، فوجَبَ أنْ تُقبلَ كشَهادةِ الأجنَبيِّ بل أَولَى؛ فإنَّ شَهادتَه لنَفسِه لمَّا رُدَّت للتُّهمةِ في إِيصالِ النَّفعِ إلى نَفسِه كانَ إِقرارُه عليه مَقبولًا.

وحَكى القاضِي في المُجرَّدِ رِوايةً أُخرى أنَّ شَهادةَ أحَدِهما لا تُقبَلُ على صاحِبِه؛ لأنَّ شَهادتَه له غيرُ مَقبولةٍ فلا تُقبَلُ عليه كالفاسِقِ.


(١) «الإفصاح» (٢/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>