للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامِسًا: أنْ يَكونَ مالِكًا للمَوهوبِ (فلا تَصحُّ هِبةُ الفُضوليِّ):

اشتَرطَ جُمهورُ الفُقهاءِ في الواهِبِ أنْ يَكونَ مالِكًا للمَوهوبِ …

وعليه اختَلَفوا في هِبةِ الفُضوليِّ، هل تَصحُّ هِبتُه أو لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيةُ في قَولٍ إلى أنَّ هِبةَ الفُضوليِّ صَحيحةٌ غيرُ لازِمةٍ؛ فإنْ أمضاه المالِكُ مَضى، وإنْ رَدَّه رُدَّ؛ لأنَّ المالِكَ إذا أجازَه كانَ في الحَقيقةِ صادِرًا منه.

قالَ ابنُ نَجيمٍ : وأمَّا وَصيةُ الفُضوليِّ -كما إذا أوصى بألفٍ من مالِ غيرِه أو بعَينٍ مِنْ مالِه فأجازَ المالِكُ- فهو مُخيَّرٌ إنْ شاءَ سلَّمَها وإنْ شاءَ لم يُسلِّمْ، كالهِبةِ، كذا في «القُنية» من الوَصايا.

وبه عُلمَ حُكمُ هِبةِ الفُضوليِّ، وسَيأتي في الصُّلحِ بَيانُ صُلحِ الفُضوليِّ.

والظاهِرُ من فُروعِهم أنَّ كلَّ ما صَحَّ التَّوكيلُ به؛ فإنَّه إذا باشَرَه الفُضوليُّ يَتوقَّفُ، إلا الشِّراءَ بشَرطِه السابِقِ (١).

وقالَ الكاسانِيُّ : ومنها أنْ يَكونَ مَملوكًا للواهِبِ، فلا تَجوزُ هِبةُ مالِ الغيرِ بغيرِ إذنِه لاستِحالةِ تَمليكِ ما ليسَ بمَملوكٍ (٢).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ في المَذهبِ


(١) «البحر الرائق» (٦/ ١٦٤).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ١١٩)، و «الهندية» (٤/ ٣٧٤)، و «ابن عابدين» (٨/ ٤٢٣)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>