للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- العُمرَى والرُّقبى:

أولاً: العُمرَى:

تَعريفُ العُمرَى:

العُمرَى: هي أنْ يَقولَ: «جعَلتُ داري هذه لك عُمرَى»، أو يَقولَ: «قد جعَلتُها لك عُمرَك أو مُدةَ حَياتِك»، فتَكونَ له مُدةَ حَياتِه وعُمرِه، فإذا ماتَ رجَعَت إلى المُعمِرِ إنْ كانَ حَيًّا أو إلى وارِثِه إنْ كانَ مَيِّتًا، وسُميتْ عُمرَى لتَملُّكِه إِياها مُدةَ عُمرِه وحَياتِه، وإذا ماتَ رجَعَت إلى المُعمِرِ، ومنه قَولُه تَعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: ٦١] يَعني أسكَنَكم فيها مُدةَ أَعمارِكم فصِرتُم عُمَّارَها، وكانَ الناسُ في الجاهِليةِ على ما وصَفنا في العُمرَى (١).

حُكمُ العُمرَى:

اختَلفَ الفُقهاءُ في العُمرَى، هل تَعودُ للمُعمِرِ إذا ماتَ مَنْ أُعمِرَ له أو هي للمُعمِرِ له حَياتَه وبعدَ مَوتِه تَكونُ لوَرثتِه ولا تَعودُ للمُعمِرِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ العُمرَى جائِزةٌ للمُعمِرِ في حالِ حَياتِه ولوَرثتِه من بعدِ مَوتِه، يَملكُها مِلكَ رَقبةٍ لا مِلكَ مَنفعةٍ، وأنَّ الشَّرطَ باطِلٌ، وذلك لقَولِه : «لا تُعمِروا ولا تُرقِبوا، فمَن أُعمِرَ شَيئًا أو أُرقبَه فهو له حَياتَه ومَماتَه» (٢)؛ فالنَّبيُّ


(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٥٣٩)، و «تهذيب اللغة» (٢/ ٢٣٤).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: أخرجه النسائي (٢/ ١٣٦)، وأبو داود (٣٥٥٦)، والطحاوي (٢/ ٢٤٨)، والبيهقي (٦/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>