للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: تَصحُّ الوَصيةُ بما فيه نَفعٌ مُباحٌ من غيرِ المالِ، كزَيتٍ مُتنجِّسٍ لغيرِ مَسجدٍ؛ لأنَّ فيه نَفعًا مُباحًا، وهو الاستِصباحُ به، ولا تَصحُّ الوَصيةُ به لمَسجدٍ؛ لأنَّه لا يَجوزُ الاستِصباحُ به فيه (١).

هـ - الوَصيةُ بالكَلبِ (وسائِرِ السِّباعِ):

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الوَصيةَ بالكَلبِ المُنتفَعِ به الذي يَجوزُ اقتِناؤُه -ككِلابِ الصَّيدِ والماشيةِ والحَرثِ- جائِزةٌ؛ لأنَّ فيها نَفعًا مُباحًا وتُقَرُّ اليَدُ عليه، والوَصيةُ تَبرعٌ فصحَّت في المالِ وفي غيرِ المالِ كالهِبةِ الجائِزةِ، ولأنَّه لمَّا جازَ إحرازُه في يَدِ صاحِبِه وحرُمَ انتِزاعُه من يَدِ صاحِبِه جازَ أنْ يَكونَ وَصيةً ومِيراثًا.

وكذا الجَروُ القابِلُ للتَّعليمِ لمَا يُباحُ اقتِناؤُه له ممَّا ذُكرَ؛ لأنَّ فيه نَفعًا مُباحًا وتُقَرُّ اليَدُ عليه كما نَصَّ عليه الحَنابِلةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ.

وكذا الكَلبُ المُتخَذُ لحِراسةِ الدُّورِ والفَهدُ ونَحوُهما، يَجوزُ اتِّخاذُهما والوَصيةُ بهما.

وإنْ كانَ ممَّا لا يُباحُ اقتِناؤُه ككَلبٍ وجَروٍ أسوَدَ بَهيمٍ أو عَقورٍ لم تَصحَّ الوَصيةُ بهما، وكذا السَّبعُ وكذلك الذِّئبُ الذي لا يَصلحُ للصَّيدِ (٢).


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٤٤٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٨٠).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٥٢)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٢/ ٥٠٩)، رقم (٨٩٢)، و «عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار» (٢/ ٧٥٠)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٢٣٦)، و «المهذب» (١/ ٤٥٢)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٣٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٧٥)، و «الديباج» (٣/ ٦٦)، و «المغني» (٤/ ١٧٢)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٥٠٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٤٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>