اشتَرطَ الفُقهاءُ لوُجوبِ القِصاصِ على الجاني عِدةَ شُروطٍ:
أولاً: التَّكْلِيفُ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يُشترطُ في الجاني حتَّى يُقتصَّ منه أنْ يَكونَ مُكلَّفًا بالغًا عاقِلًا، وأمَّا الصَّبيُّ والمَجنونُ فلا يُقتصُّ منهُما؛ لأنَّ عمْدَهُما وخطَأَهُما سَواءٌ، والدِّيةُ على عاقِلتِهما عندَ جَماهيرِ الفُقهاءِ إلا قَولًا للشَّافعيِّ، ولو كانَ المَجنونُ يُفيقُ أحيانًا ويُجَنُّ أحيانًا وجَنَى حالَ إفاقَتِه اقتُصَّ منهُ حالَ إفاقتِه، فإنْ جُنَّ بعدَ الجِنايةِ انتُظِرتْ إفاقتُه واقتُصَّ منه بعدَها، فإنْ لم يَفقْ فالدِّيةُ في مالِه، والسَّكرانُ بحَلالٍ كالمَجنونِ، فلا يُقتلُ والدِّيةُ على عاقِلتِه.
قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀: وأجمَعَ العُلماءُ أنَّ ما جَناهُ المَجنونُ في حالِ جُنونِه هَدرٌ وأنه لا قوَدَ عليهِ في ما يَجنِي، فإنْ كانَ يفيقُ أحيانًا ويغيبُ أحيانًا فما جَناهُ في حالِ إفاقتِه فعَليهِ فيه ما على غيرِه مِنْ البالغينِ غيرِ المَجانينِ.
وأجمَعَ العُلماءُ أنَّ الغُلامَ والنائِمَ لا يَسقطُ عنهُما ما أتلَفَا مِنْ الأموالِ، وإنما يَسقطُ عنهُم الإثمُ، وأما الأموالُ فتُضمَنُ بالخَطأِ كما تُضمَنُ بالعَمدِ، والمَجنونُ عندَ أكثَرِ العُلماءِ مِثلُهما (١).