للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في وَجهٍ إلى أنَّ القَولَ قَولُ المَوهوبِ له؛ لأنَّ الواهِبَ أقَرَّ له بالهِبةِ فاتَّفَقا على أنَّها مِلكُه، ثم ادَّعى بَدلًا، فالأصلُ عَدمُه؛ لأنَّ الأصلَ بَراءةُ ذِمتِه، ولأنَّه يُنْكِرُ شَرطًا زائِدًا يَستَغني عنه تَمامَ الهِبةِ (١).

قالَ الحَنفيةُ: ويَكونُ للواهِبِ الرُّجوعُ إذا كانَ المَوهوبُ قائِمًا، وإنْ كانَ مُستهلَكًا فلا شَيءَ على المَوهوبِ له؛ لأنَّ العِوضَ لم يَثبُتْ لمَّا جعَلنا القَولَ فيه قَولَ المَوهوبِ له، والحُكمُ في الهِبةِ الخاليةِ عن شَرطِ العِوضِ أنَّ المَوهوبَ ما دامَ قائِمًا فللواهِبِ الرُّجوعُ، فإذا هلَكَ فلا ضَمانَ، ولكنْ يَحلفُ المَوهوبُ له ههنا على دَعوى الواهِبِ باللهِ ما شرَطَ العِوضَ، يُريدُ به: إذا كانَ المَوهوبُ مُستهلَكًا؛ لأنَّ الواهِبَ يَدَّعي القيمةَ في هذه الصُّورةِ فيَحلفُ عليه (٢).

الاختِلافُ في مِقدارِ العِوضِ:

قالَ الحَنفيةُ: إنِ اتَّفقَ الواهِبُ والمَوهوبُ له على أنَّ الهِبةَ كانَت بشَرطِ العِوضِ، ولكنِ اختَلَفا في مِقدارِ العِوضِ، فقالَ الواهِبُ: «ألفٌ»، وقالَ المَوهوبُ له: «خَمسُمِئةٍ»، والعِوضُ لم يُقبضْ بَعدُ والمَوهوبُ قائِمٌ بعَينِه


(١) «المهذب» (١/ ٤٤٨)، و «البيان» (٨/ ١٣٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٠٠).
(٢) «المحيط البرهاني» (٦/ ١٨٨)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٩٩)، و «درر الحكام» (٢/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>