للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المَريءُ: فهو مَجرَى الطَّعامِ والشَّرابِ، يَلي الحُلقومَ، وبهِما تُوجَدُ الحياةُ، وبفَقدِهما تُفقَدُ الحياةُ.

وأما الوَدَجانِ: فهُمَا عِرقانِ في جَنبيِ العُنقِ مِنْ مقدَّمِهِ، ولا تَفوتُ الحَياةُ بفَواتِهما؛ لأنهُما قد يَنسلَّانِ مِنْ الإنسانِ والبَهيمةِ ثمَّ يَحيَيانِ، والوَدَجانِ اسمٌ لهُمَا في البَهيمةِ، ويُسمَّيانِ في الإنسانِ الوَريدانِ، ومنه قولُه تعالَى: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)[ق: ١٦]، فهذا حالُ الكَمالِ في الذَّكاةِ بقَطعِ هذهِ الأربَعةِ بلا خِلافٍ بينَ الفُقهاءِ (١).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ولا خِلافَ في أنَّ الأكمَلَ قَطعُ الأربَعةِ: الحُلقومِ والمَريءِ والوَدجينِ، فالحُلقومُ مَجرَى النفَسِ، والمَريءُ وهو مَجرَى الطَّعامِ والشَّرابِ، والوَدجانِ وهُمَا عِرقانِ مُحيطانِ بالحُلقومِ؛ لأنه أسرَعُ لخُروجِ رُوحِ الحَيوانِ، فيَخفُّ عليهِ ويخرجُ مِنْ الخِلافِ، فيَكونُ أَولى (٢).

الحالةُ الثانِيةُ: حالةُ الجَوازِ:

فقدِ اختَلفَ الفُقهاءُ فيه على مَذاهبَ:

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الأوداجَ أربَعةٌ: الحُلقومُ والمَريءُ والعِرقانِ اللَّذانِ بينَهُما الحُلقومُ والمَريءُ، فإذا فَرَى ذلكَ كلَّه فقدْ أتَى بالذَّكاةِ بكَمالِها وسُنَنِها، وإنْ فَرَى البعضَ دونَ البَعضِ فعندَ أبي حَنيفةَ إذا قطَعَ أكثرَ الأوداجِ -وهو ثَلاثةٌ مِنها، أيَّ ثَلاثةٍ كانَتْ- وترَكَ واحِدًا يَحلُّ؛ لأنَّ للأكثَرِ


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ٨٧).
(٢) «المغني» (٩/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>