للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ في القَولِ الثاني -والحَنابلةُ- إلى أنه يَجوزُ عَزلُ الناظِرِ ولو بلا خِيانةٍ إذا كانَ مَنصوبَ القاضي، وليسَ للقاضي الثاني أنْ يُعيدَه وإنْ عزَلَه الأولُ بلا سَببٍ؛ لحَملِ أمرِه على السَّدادِ إلا أنْ تَثبتَ أهليَّتُه (١).

قالَ الحَنابلةُ: للقاضِي فيما وُقفَ على غيرِ مُعيَّنٍ ولم يُعيِّنِ الواقفُ غيرَه نَصبُ ناظِرٍ مِنْ جِهتِه، ويَكونُ نائبًا عنه يَملكُ عزْلَه مَتى شاءَ؛ لأصالةِ وِلايتِه، فكانَ مَنصوبُه نائِبًا عنه كما في المِلكِ المُطلَقِ (٢).

عَزلُ النَّاظرِ نفْسَه:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو عزَلَ الناظِرُ نفسَه عن نَظارةِ الوَقفِ، هل له ذلكَ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والسُّبكيُّ مِنْ الشافِعيةِ وهو وَجهٌ للحَنابلةِ إلى أنَّ الناظِرَ إذا عزَلَ نفسَه لا يَنفذُ عَزلُه لنَفسِه إلَّا أنْ يُخرِجَه القاضي أو الواقفُ، لَكنْ إنِ امتَنعَ مِنْ النَّظرِ أقامَ الحاكِمُ مَقامَه (٣).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ -خِلافًا للسُّبكِيِّ- وهو ظاهِرُ قَولِ الحَنابلةُ إلى أنه يَجوزُ للناظِرِ أنْ يَعزلَ نفسَه عن نَظارةِ الوَقفِ ويَنعزلُ بذلكَ.


(١) «البحر الرائق» (٥/ ٢٤٥)، و «الأشباه والنظائر» (١٩٥)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٨٢)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٣/ ٩٨، ٩٩).
(٢) «الفروع» (٤/ ٤٤٨)، و «الإنصاف» (٧/ ٦١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٢٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٦٠)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٣٢٦، ٣٣٠).
(٣) «الأشباه والنظائر» ص (١٥٥)، و «ابن عابدين» (٤/ ٤٢٨)، و «الأشباه والنظائر» للسيوطي ص (٢٧٧)، و «الفروع» (٤/ ٤٤٩)، و «الإنصاف» (٧/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>