للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهَبَ الرَّجلُ: تَعرفُه؟ قالَ: لا، ولكنَّه نظَرَ إليَّ، قيلَ: فكيفَ أَثنيتَ عليه؟ قالَ: شَرفُه أُذناه وبيتُه الذي يَسكنُه.

ورُويَ أنَّ رَجلًا أخَذَ على شَرابٍ فقيلَ له: من أنتَ؟ فقالَ:

أنا ابنُ الذي لا يَنْزِلُ الدَّهرَ قِدرُه وإنْ نزَلَتْ يومًا فسَوفَ تَعودُ

تَرى الناسَ أَفواجًا على بابِ دارِه فمِنهُم قِيامٌ حولَها وقُعودُ

فظَنُّوه شَريفًا فخَلَّوا سَبيلَه فإذا هو ابنُ الباقِلانِيِّ.

وأخَذَ الخَوارجُ رافِضيًّا فقالوا له: تبَرَّأْ مِنْ عُثمانَ وعليٍّ فقالَ: أنا مِنْ عليٍّ ومِن عُثمانَ بريءٌ، فهذا وشِبهُه هو التَّأويلُ الذي لا يُعذرُ به الظالِمُ ويَسوغُ لغيرِه مَظلومًا كانَ أو غيرَ مَظلومٍ؛ لأنَّ النَّبيَّ كانَ يَقول ذلك في المِزاحِ مِنْ غيرِ حاجةٍ به إليه) (١).

الثانِي: البِساطُ:

هو السَّببُ الحامِلُ على اليَمينِ،؛ إذ هو مَظِنةُ النِّيةِ فليسَ هو انتِقالًا عن النِّيةِ بل هو نِيةٌ ضِمنًا وهذا عُدمَت نِيةُ المُستَحلفِ المُحقِّ ونِيةُ الحالفِ وكانَت اليَمينُ عامَّةً أو مُطلَقةً في الظاهِرِ لكنْ كانَ سببُها الذي أَثارَها أو هيَّجَها خاصًّا أو مُقيدًا كانَ ذلك مُقتَضيًا تَخصيصَ اليَمينِ أو تَقييدَها.

وهذا يُسمَّى عندَ المالِكيةِ بِساطَ اليَمينِ أي السَّببَ الحاملَ على اليَمينِ، وعندَ الحَنابِلةِ يُسمونَه السَّببَ المُهيِّجَ لليَمينِ، وعندَ الحَنفيةِ يُعبِّرونَ عنه بيَمينِ الفَورِ، وبَيانُ ذلك فيما يَلي:


(١) «المغني» (٩/ ٤٢٠، ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>