للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانَ ممَّن يَطلُبُ الأُبَّاقَ. وقَولُ ابنِ القاسِمِ أظهَرُ؛ لأنَّ الجاعِلَ أرادَ بقَوله: مَنْ جاءَني بعَبدِي فله عَشَرةُ دَنانيرَ؛ تَحريضَ مَنْ يَسمَعُ قوله على طَلَبِه، فوجَب ألَّا تَجِبَ الدَّنانيرُ العَشَرةُ إلَّا لمَن سمِع قوله، فطَلَبُه بعدَ ذلك لا لمَن لَم يَسمَعْ قوله، ولا لمَن سمِعه، فوجَد العَبدَ دونَ أنْ يَطلُبَه، فلا اختِلافَ في أنَّه لا حَقَّ في الجُعْلِ لمَن وجَد العَبدَ قبلَ أنْ يُجعَلَ فيه الجُعْلُ؛ إذْ قَدْ وجَب عليه رَدُّه إلى صاحِبِه، قبلَ أنْ يُجعَلَ فيه الجُعْلُ، واختُلِفَ فيمَن وجَده بعدَ أنْ جُعِلَ فيه الجُعْلُ على قولَيْنِ؛ أحَدُهما: أنَّه لا شَيءَ له فيه، إلَّا أنْ يَسمَع الجُعْلَ ويَطلُبَ العَبدَ، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ. والآخَرُ: أنَّ الجُعْلَ يَكونُ له، وإنْ لَم يَسمَعِ الجُعْلَ، ولا طَلبَ العَبدَ، وهو القَولُ الذي حَكَى ابنُ حَبيبٍ، وبِاللَّهِ التَّوفيقُ (١).

المَسألةُ الرَّابِعةُ: مَنْ بَلغَه الجُعْلُ في أثناءِ العَملِ:

قالَ الحَنابِلةُ: مَنْ بَلغَه الجُعْلُ في أثناءِ العَملِ فله مِنْ الجُعْلِ حِصَّةُ تَمامِه، أي: بقِسطِ ما عمِله بعدَ بُلوغِه الخَبرُ إنْ أتَمَّه بنِيَّةِ الجُعْلِ؛ لأنَّ عَملَه قبلَ بُلوغِ الخَبرِ غيرُ مَأْذُونٍ له فيه؛ فلا يَستحقُّ عنه عِوَضًا؛ لِتَبرُّعِه به، وإنْ لَم يَبلُغْه إلَّا بعدَ العَملِ لَم يَستحقَّ شَيئًا لذلك (٢).

وأمَّا المالِكيَّةُ ففَرَّقوا بينَ أنْ يَكونَ مِنْ شَأنِه طَلَبُ الضَّوالِّ أو لا؛ فإنْ


(١) «البيان والتحصيل» (٨/ ٤٦٧).
(٢) «المغني» (٦/ ٢٥)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٩٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٤٨، ٢٤٩)، و «الروض المربع» (٢/ ١٥٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٨١)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٠٨)، و «إعلام الموقعين» (٤/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>