هل الخُلعُ يُشتَرطُ لهُ حُكمُ حاكِمٍ أم لا؟
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربعَةِ على أنَّ الخُلعَ يَصحُّ بدونِ الرَّفعِ إلى الحاكِمِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] ولم يُفرِّقْ، ورَواهُ البُخاريُّ عَنْ عمَرَ وعُثمانَ، قالَ البُخاريُّ: وأجازَ عمَرُ الخُلعَ دونَ السُّلطانِ، وأجازَ عُثمانُ الخُلعَ دُونَ عِقاصِ رأسِها (١).
ولأنهُ إنْ قيلَ: «إنَّه عَقدُ مُعاوَضةٍ» كانَ كالبَيعِ، أو قيلَ: «إنَّه قَطعُ عَقدٍ بالتَّراضِي» كانَ كالإقالةِ، وكلٌّ منهُما لا يَفتقرُ إلى حاكِمٍ.
ولأنه لمَّا جازَ النِّكاحُ دُونَ السُّلطانِ كذلكَ الخُلعُ يَجوزُ دونَ السُّلطانِ.
قالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجصَّاصُ ﵀: وقَدِ اختَلفَ السَّلفُ في الخُلعِ دُونَ السُّلطانِ، فرُويَ عَنِ الحسَنِ وابنِ سِيرينَ أنَّ الخُلعَ لا يَجوزُ إلَّا عندَ السُّلطانِ.
وقالَ سَعيدُ بنُ جُبيرٍ: لا يَكونُ الخُلعُ حتَّى يَعظَها، فإنِ اتَّعظتْ وإلَّا هجَرَها، فإنِ اتَّعظَتْ وإلَّا ضرَبَها، فإنِ اتَّعظَتْ وإلَّا ارتَفَعا إلى السُّلطانِ فيَبعثُ حكَمًا مِنْ أهلِه وحكَمًا مِنْ أهلِها، فيَردَّانِ ما يَسمعانِ إلى السُّلطانِ، فإنْ رأى بعْدَ ذلكَ أنْ يُفرِّقَ فرَّقَ، وإنْ رأى أنْ يَجمعَ جمَعَ.
ورُويَ عَنْ عليٍّ وعمَرَ وعُثمانَ وابنِ عمُرَ وشُريحٍ وطاوسٍ والزُّهريِّ في آخرينَ أنَّ الخُلعَ جائزٌ دُونَ السُّلطانِ، ورَوى سَعيدٌ عَنْ قَتادةَ قالَ: كانَ زيادٌ
(١) «صحيح البخاري» (٥/ ٢٠٢١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute