للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسالةُ الثالِثةُ: تَرجيحُ إِحدى البيِّنتَينِ بزِيادةِ العَدالةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أقامَ كلُّ واحِدٍ منهما بيِّنةً عادِلةً إلا أنَّ بيِّنةَ أحَدِهما أعلَمُ وأعَفُّ وأشهَرُ في العَدالةِ، هل تُقدَّمُ على بيِّنةِ الآخَرِ أو لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيُّ في قَولٍ إلى أنَّه إذا أقامَ بيِّنةً أنَّه مِلكُه وأقامَ الآخَرُ بيِّنةً أنَّه مِلكُه، وزادَت إِحداهما في العَدالةِ على الأُخرى؛ فإنَّها تُقدَّمُ على غَيرِها.

والفَرقُ بينَ زِيادةِ العَدالةِ فتُرجَّحُ، وبينَ زِيادةِ العَددِ فلا تُرجَّحُ أنَّ المَقصودَ من القَضاءِ قَطعُ النِّزاعِ، ومَزيدُ العَدالةِ أَقوى في التَّعذُّرِ من زِيادةِ العَددِ؛ إذْ كلُّ واحِدٍ من الخَصمَينِ يُمكِنُه زِيادةُ العَددِ في الشُّهودِ بخِلافِ العَدالةِ.

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ -وهو مَذهبُ «المُدوَّنة» - والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ إلى أنَّ البَيِّنةَ التي فيها زِيادةُ العَدالةِ لا تُقدَّمُ ولا تُرجَّحُ على بيِّنةِ الآخَرِ فيما تَعارَضَتا فيه؛ لأنَّهما مُتساوِيتانِ في العَدالةِ المُعتبَرةِ فكانَتا مُتعارِضتَينِ كما لو استَوَيا في العَدالةِ.

إلا أنَّ الحَنفيةَ قالوا: الشَّهادةُ العادِلةُ تَترجَّحُ على المَستورةِ بالعَدالةِ؛ لأنَّها صِفةُ الشَّهادةِ (١).

إذا تَداعَيا جِدارًا بَينَ دارَيهما:

إذا تَنازَعَ رَجلانِ في جِدارٍ بينَ دارَيهما؛ فإنْ كانَ لأحَدِهما بيِّنةٌ دونَ الآخَرِ قُضيَ لصاحِبِ البَيِّنةِ، وإنْ لم يَكنْ لأحَدِهما بيِّنةٌ اختَلفَ الفُقهاءُ فيه.


(١) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>