للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ القفَّالُ في «شَرح التَّلخيصِ»: قالَ أصحابُنا: غَلَط في هذهِ المَسألةِ، ولا يَختلفُ مَذهبُ الشَّافعيِّ أنَّ الإعادةَ لا تَجبُ وإنْ تَعمَّدَ الإمامُ، وإنَّما حكَى الشَّافعيُّ مَذهبَ مالِكٍ أنَّه إنْ تَعمَّدَ لَزمَ المأمومَ الإعادةُ، وفي بَعضِ نُسخِ «شَرح التَّلخيصِ»: قالَ القفَّالُ: قالَ الأكثَرونَ مِنْ أصحابِنا: لا تَجبُ الإعادةُ وإنْ تَعمَّدَ، وقالَ بَعضُ أصحابِنا فيها قَولانِ، وقالَ الشَّيخُ أبو عَليٍّ السِّنجيُّ في «شَرح التَّلخيصِ»: أنكَرَ أصحابُنا على صاحِبِ «التَّلخِيص» وقَالوا: المَعروفُ للشَّافعيِّ أنَّه لا إعادةَ وإنْ تَعمَّدَ الإمامُ، (قُلتُ): الصَّوابُ إثباتُ قولَينِ، وقَد نصَّ على وُجوبِ الإعادةِ في البُّوَيطيِّ، ورأيتُ النَّصَّ في نُسخةٍ مُعتمَدةٍ منهُ، ونقَلَه أيضًا صاحِبُ «التَّلخِيص» وهوَ ثقةٌ وإمامٌ، فوجَبَ قَبولُه، ووجَّهَه الشَّيخُ أبو عَليٍّ بأنَّ الإمامَ العامِدَ للصَّلاةِ مُحدِثًا مُتلاعِبٌ ليسَتْ أفعالُه صلاةً في نَفسِ الأمرِ ولا في اعتِقادِه، فلا تَصحُّ الصَّلاةُ وراءَهُ كالكافِرِ وغَيرِه ممَّن لا يَعتقدُ صَلاتَه صلاةً، (وأمَّا قَولُهم): «إنَّ الحدَثَ يَخفَى» (فيُجابُ) عنهُ بأنَّه وإنْ خَفيَ فتَعمُّدُ الإمامِ الصَّلاةَ مُحدِثًا نادِرٌ، والنَّادرُ لا يُسقِطُ الإعادةَ، وكيفَ كانَ فالمَذهبُ الصَّحيحُ المَشهورُ أنَّه لا إعادةَ إذا تَعمَّدَ الإمامُ (١).

الحالةُ الثَّانيةُ: أنْ يُصليَّ الإمامُ وهوَ مُحدِثٌ أو جنُبٌ غيْرَ عالِمٍ بحَدثِه ولا بالجَنابةِ إلَّا بعْدَ إتمامِ الصَّلاةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو صلَّى الإمامُ وهوَ مُحدِثٌ أو جُنبٌ ولم يَعلمْ إلَّا بعْدَ الصَّلاةِ، هل يَلزمُ المأمومِينَ إعادةُ الصَّلاةِ أم لا؟ بعْدَ اتِّفاقِ الجَميعِ على أنَّه يَجبُ على الإمامِ إعادةُ الصَّلاةِ.


(١) «المجموع» (٤/ ٢٥٦، ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>