نَصَّ الحَنفيةُ على أنَّ الأشرِبةَ المُحرَّمةَ أربَعةُ أنواعٍ فقطْ، وما عَداها مُباحٌ، وهيَ:
الأولُ: الخَمرُ: وهو عَصيرُ العِنبِ النِّيءِ إذا غَلَى واشتَدَّ وقذَفَ بالزَّبَدِ مِنْ دونِ أنْ يُطبَخَ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)﴾ [المائدة: ٩٠]، وقد تَقدَّمَ الكلامُ فيها.
والثاني: العَصيرُ -أي: عَصيرُ العِنبِ- إذا طُبخَ حتى ذهَبَ أقَلُّ مِنْ ثُلثَيه، ويُسمَّى الطِّلاءَ والباذقَ.
والثالثُ: السَّكَرُ: وهو نَقيعُ التَّمرِ النَّيءِ إذِ اشتَدَّ وغَلَى.
والرابعُ: ونَقيعُ الزَّبيبِ النَّيءِ إذا غَلَى واشتَدَّ وقذَفَ بالزبدِ على الاختِلافِ بينَ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ وبينَ أبي حَنيفةَ.
ونَبيذُ التَّمرِ والزَّبيبِ إذا طُبخَ كلُّ واحدٍ منهُما أدنَى طَبخٍ -أي: حتى يَنضجَ- فهو حَلالٌ وإنِ اشتَدَّ إذا شَربَ منه ما يَغلبُ على ظَنِّه أنه لا يُسكِرُه مِنْ غيرِ لَهوٍ ولا طَربٍ، وهذا إذا شَربَه للتَّقوِّي في الطاعةِ أو لِاستِمراءِ الطعامِ أو للتَّداوي، وإلا فهو حَرامٌ بالإجماعِ.
وكذلكَ عَصيرُ العِنبِ إذا طُبخَ فذهَبَ ثُلثاهُ حَلالٌ وإنِ اشتَدَّ إذا قصدَ به التَّقوِّي، وإنْ قصدَ التَّلهي فحَرامٌ.