للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ الثانِيةُ: ما مُلكَ بالإِحياءِ ثُم اندَثرَ ولم يُعرَفْ مالكُه:

اختَلفَ الفَقهاءُ فيما مُلكَ بالإِحياءِ ثُم تُركَ حتى دثَرَ وعادَ مَواتًا ولَم يُعرَفْ مالكُه، هل يَجوزُ إِحياؤُه أم لا؟ وتَكونُ لورثتِه أو لبيتِ المالِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفَقهاءِ الحَنفيةِ في المُفتَى به عندَهم والمالِكيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ ما مُلكَ بالإِحياءِ ثُم اندَرسَ ولم يُعرَفْ مالكُه فهو ملكٌ لمُسلمٍ غيرِ مُعيَّنٍ، ويَجوزُ إِحياؤُه؛ لعُمومِ الأَخبارِ، ولأنَّها أرضٌ مَواتٌ لا حقَّ فيها لقومٍ بأَعيانِهم، أَشبهَتْ ما لَم يَجرِ عليه ملكُ مالكٍ، ولأنَّها إنْ كانَت في دارِ الإِسلامِ فهي كلُقَطةِ دارِ الإِسلامِ، وإنْ كانَت في دارِ الكُفرِ فهي كالرِّكازِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ -وهو قولٌ مَحكيٌّ عن مُحمدِ بنِ الحَسنِ الشَّيبانِيِّ- والحَنابلةُ في رِوايةٍ -وهي ظاهرُ كَلامِ الخِرقيِّ- أنَّها لا تُملَكُ بالإِحياءِ؛ لمَا رُويَ مَرفوعًا: «مَنْ أَحيا مَواتًا مِنْ الأرضِ في غيرِ حقِّ مُسلمٍ فهو له، وليسَ لعِرقٍ ظالِمٍ حقٌّ» (٢). فقيَّدَه بكَونِه في غيرِ حقِّ مُسلمٍ، وهذه في حقِّ مُسلمٍ،


(١) «الهداية» (٤/ ٩٩)، و «العناية» (١٤/ ٣٠٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٢٠، ٢٢١)، و «اللباب» (١/ ٦٨٠)، و «الإشراف» (٣/ ٢٤٠)، رقم (١٠٨٦)، و «الاستذكار» (٧/ ١٨٥)، و «المنتقى» (٦/ ٣٠، ٣١)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٤٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٣٩، ٤٤٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢٥)، و «المغني» (٥/ ٢٣٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٢٥، ٢٢٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٥٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٧٩).
(٢) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (١٢١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>