للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآجِلِه)، فَأصرِفهُ عنِّي، وَأصرِفنِي عنه، وَاقدُر ليَ الخَيرَ حيثُ كانَ، ثم رَضِّنِي بِه. وَيُسمِّي حاجَتَه» (١).

حِكمةُ مَشروعِيَّتِها:

حِكمةُ مَشروعيَّةِ الاستِخارةِ هي التَّسليمُ لِأمرِ اللهِ تَعالَى، والخُروجُ مِنْ الحَولِ والطَّولِ، والالتِجاءُ إليه سُبحانَه؛ للجَمعِ بينَ خَيرَيِ الدُّنيا والآخِرةِ، فيَحتاجُ إلى قَرعِ بابِ المَلكِ، ولا شَيءَ لذلك أنجَعُ ولا أنجَحُ مِنْ الصَّلاةِ والدُّعاءِ؛ لمَا فيها مِنْ تَعظيمِ اللهِ تَعالى، والثَّناءِ عليه، والافتِقارِ إليه مَآلًا وحالًا (٢).

وقالَ الدِّهلَويُّ : كانَ أهلُ الجاهِليَّةِ إذا عَنَّت لهم حاجَةٌ مِنْ سَفرٍ أو نِكاحٍ أو بَيعٍ استَقسَموا بالأَزلامِ، فنَهى عنه النَّبيُّ ؛ لأنَّه غيرُ مُعتمِدٍ على أصلٍ، وإنَّما هو مَحضُ اتِّفاقٍ، ولأنَّه افتِراءٌ على اللهِ تَعالى بقولِهم: (أمرَني ربِّي، ونَهاني ربِّي)، فعوَّضَهم عن ذلك بالاستِخارةِ؛ فإنَّ الإِنسانَ إذا استَمطَرَ العِلمَ مِنْ ربِّه، وطلَبَ منه كَشفَ مَرضاتِه في ذلك الأمرِ، ولَجَ في قَلبِه بالوُقوفِ على بابِه، لم يَتراخَ من ذلك فَيضانُ سِرٍّ إلهِيٍّ، وأيضًا


(١) رواه البخاري (١١٠٩، ٦٠١٩)، ويُنظر: «البَحر الرائق» (٢/ ٥٥)، و «ابن عابدين» (٢/ ٢٦)، و «درر الحكام» (٢/ ٢٢)، و «الهندية» (١/ ١١٢)، والطَّحطاوي (١/ ٢٦٢)، و «شرح مختصر خليل» (١/ ٣٧)، و «المدخل» (٤/ ٣٧)، و «المجموع» (٥/ ٨١، ٨٢)، و «المغني» (٢/ ٣٢٨)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٤٣)، و «نيل الأوطار» (٣/ ٩٠).
(٢) «فتح الباري» (١١/ ١٨٦)، و «العَدَوي على الخَرَشي» (١/ ٣٦، ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>