للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ البُهوتيُّ : والهِبةُ كبَيعٍ في تَقدُّمِ القَبولِ على الإِيجابِ، فتَصحُّ في الحالِ التي يَصحُّ فيها البَيعُ وتَبطُلُ فيما يَبطُلُ فيه (١).

٣ - مُوافقةُ القَبولِ للإِيجابِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الهِبةِ هل يُشترطُ في صيغَتِها أنْ يُوافقَ القَبولُ الإِيجابَ أو لا؟

فذهَبَ الحَنابِلةُ والشافِعيةُ في وَجهٍ إلى أنَّه يُشترطُ في الصِّيغةِ أنْ يُوافقَ القَبولُ الإِيجابَ، فلو وهَبَ له شَيئًا فقبِلَ نِصفَه أو وهَبَ له ثَوبَينِ فقبِلَ أحدَهما لم يَصحَّ كالبَيعِ؛ لأنَّها عَقدٌ ماليٌّ مِثلُه، فأُعطيَت حُكمَه (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الوَجهِ الثانِي -وكِلا الوَجهَينِ مُصحَّحانِ في المَذهبِ- إلى أنَّه لا يُشترطُ مُطابقةُ القَبولِ للإيجابِ، فلو وهَبَ له شَيئًا فقبِلَ نِصفَه أو وهَبَ له ثَوبَينِ فقبِلَ أحدَهما صَحَّ خِلافًا للبَيعِ؛ فإنَّه لا يَصحُّ؛ لأنَّه مُعاوضةٌ، وقد يَتضرَّرُ البائِعُ بالتَّبعيضِ لانتِقاصِ قيمةِ الباقي بخِلافِ الهِبةِ، فاغتُفِرَ فيها ما لم يُغتفَرْ فيه، ولمَا رَواه أحمدُ عن يَعلى بنِ مُرةَ «أنَّ امرَأةً جاءَت إلى النَّبيِّ معَها صَبيٌّ لها به لَممٌ، فقالَ النَّبيٌّ : «اخرُجْ عَدوَّ اللهِ، أنا رَسولُ اللهِ». قالَ: فبَرَأ فأهدَتْ


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٣٦١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٩٦).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ١٨٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٤١، ٥٤٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٨٨)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٥٦٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٦٥، ٤٦٦)، وكشاف القناع» (٤/ ٣٦١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>