للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكَذبُ والغِيبةُ وقَولُ الزُّورِ هل تَنقضُ الوُضوءَ؟

لا يَنقضُ الوُضوءَ الكَذبُ والغِيبةُ والرَّفثُ والقَذفُ وغيرُها بإِجماعِ العُلماءِ.

قالَ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ مَنْ نَحفظُ قَولَه من عُلماءِ الأَمصارِ على أنَّ القَذفَ وقَولَ الزُّورِ والكَذبَ والغِيبةَ لا تُوجبُ طَهارةً ولا تَنقضُ وُضوءًا، وقد رَوَينا عن غيرِ واحِدٍ من الأَوائلِ: أنَّهم أمَروا بالوُضوءِ من الكَلامِ الخَبيثِ، وذلك يَكونُ استِحبابًا عندَنا ممَّن أمَرَ به، ولا نَعلمُ حُجةً تُوجِبُ وُضوءًا في شَيءٍ من الكَلامِ، وقد ثبَتَ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «مَنْ حلَفَ باللَّاتِ والعُزَّى فليَقُلْ: لا إلهَ إلا اللهُ» (١)، ولم يَأمرْ في ذلك بوُضوءٍ (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : قالَ ابنُ المُنذرِ في كِتابَيه «الإشراف» و «الإِجماع» وابنُ الصَّباغِ: أجمَعَ العُلماءُ على أنَّه لا يَجبُ الوُضوءُ من الكَلامِ القَبيحِ، كالغِيبةِ والقَذفِ وقَولِ الزُّورِ وغيرِها، ونقَلَ الرُّويانِيُّ عن الشِّيعةِ إِيجابَ الوُضوءِ من ذلك. والشِّيعةُ لا يُعتدُّ بخِلافِهم.

واحتَجَّ الشافِعيُّ ثم ابنُ المُنذرِ ثم البَيهَقيُّ وأَصحابُنا في المَسألةِ بحَديثِ أبي هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «مَنْ قالَ في حَلفِه


(١) رواه البخاري (٤٨٦٠)، ومسلم (٥).
(٢) «الأوسط» (١/ ٢٣٠)، و «الإقناع» ص (٧٢، ٧٣)، و «المجموع» (٢/ ٧٨)، و «المغني» (١/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>