للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّنُّ التي تَحيضُ فيها المَرأةُ:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ من الحَنفيةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ إلى أنَّ أقَلَّ سِنٍّ تَحيضُ فيها المَرأةُ تِسعُ سِنينَ قَمريةٍ؛ لأنَّه لم يَثبُتْ في الوُجودِ والعادةِ لأُنثَى حَيضٌ قبلَها، ولأنَّها لم تَرِدْ في الشَّرعِ، ولا ضابِطَ لها شَرعيًّا ولا لُغويًّا يُتَّبعُ فيها الوُجودُ، ولأنَّ الصَّغيرةَ لا تَحيضُ، بدَليلِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: ٤]، ولأنَّ المَرجعَ فيها إلى الوُجودِ، ولم يُوجدْ من النِّساءِ مَنْ يَحِضنَ عادةً فيما دونَ هذه السِّنِّ، ولأنَّ دَمَ الحَيضِ إنَّما خلَقَه اللهُ لحِكمةِ تَربيةِ الحَملِ به، فمَن لا تَصلحُ للحَملِ لا تُوجدُ فيها حِكمتُه، فيَنتَفي لانتِفاءِ حِكمتِه كالمَنيِّ؛ فإنَّهما مُتقارِبانِ في المَعنى؛ فإنَّ أحدَهما يُخلقُ منه الوَلدُ والآخَرُ يُربِّيه ويُغذِّيه، وكلُّ واحِدٍ منهما لا يُوجدُ من صَغيرٍ، ووجُودُه عَلمٌ على البُلوغِ، وأقَلُّ سِنٍّ تَبلغُ لها الجارِيةُ تِسعُ سِنينَ، فكانَ ذلك أقَلَّ سِنٍّ تَحيضُ له، وقد رُويَ عن عائِشةَ أنَّها قالَت: «إذا بلَغَت الجارِيةُ تِسعَ سِنينَ فهي امرأةٌ» ورُويَ ذلك مَرفوعًا إلى النَّبيِّ والمُرادُ به: حُكمُها حُكمُ المَرأةِ.

قالَ الإمامُ الشافِعيُّ : أعجَلُ مَنْ سمِعتُ من النِّساءِ تَحيضُ نِساءُ تِهامةَ -يَحِضنَ لتِسعِ سِنينَ- ورأيتُ جَدةً لها إحدَى وعِشرين سَنةً.

وهذا يَدلُّ على أنَّها حمَلَت لدُونِ عَشرِ سِنينَ، وحمَلَت ابنتُها لمِثلِ ذلك، ولا فَرقَ في ذلك بينَ البِلادِ الحارةِ والبِلادِ البارِدةِ على الصَّحيحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>