للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُرادُ بالاكتِسابِ: اكتِسابُ قَدرِ الكِفايةِ، وإلا كانَ من أهلِ الاستِحقاقِ للزَّكاةِ، والعَجزُ عن أصلِ الكَسبِ ليسَ بشَرطٍ ولا يَصحُّ أنْ يُقالَ بوُقوفِ الزَّكاةِ على الزَّمْنى والمَرضى والعَجزةِ فحَسبُ.

والمُعتبَرُ -كما قالَ النَّوويُّ- كَسبٌ يَليقُ بحالِه ومُروءَتِه، وأمَّا ما لا يَليقُ به فهو كالمَعدومِ (١).

وسُئلَ الغَزاليُّ عن القَويِّ من أهلِ البُيوتاتِ الذين لم تَجرِ عادَتُهم بالتَّكسُّبِ بالبَدنِ هل له أخذُ الزَّكاةِ من سَهمِ الفُقراءِ والمَساكينِ؟ فقالَ: نَعم.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ: وهذا صَحيحٌ جارٍ على ما سبَقَ أنَّ المُعتبَرَ حِرفةٌ تَليقُ به واللهُ أعلَمُ (٢).

المُتفرِّغُ للعِلمِ يَأخذُ من الزَّكاةِ:

القادِرُ على الكَسبِ إلا أنَّه مُشتغِلٌ ببعضِ العُلومِ الشَّرعيَّةِ بحيثُ لو أقبَلَ على الكَسبِ لانقَطعَ عن التَّحصيلِ حلَّت له الزَّكاةُ بقَدرِ ما يُعينُه على أداءِ مُهمَّتِه، وما يُشبعُ حاجاتَه، ومنها كُتبُ العِلمِ التي لا بدَّ منها لمَصلحةٍ دِينِه ودُنياه.

وإنَّما يُعطَى طالِبُ العِلمِ؛ لأنَّه يَقومُ بفَرضِ كِفايةٍ؛ ولأنَّ فائِدةَ عِلمِه ليسَت مَقصورةً عليه، بل هي لمَجموعِ الأُمةِ، فمِن حقِّه أنْ يُعانَ من مالِ


(١) «المجموع» (٧/ ٣١٧)، وانظر: «الإفصاح» (١/ ٣٧٣)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٣٤)، و «المغني» (٣/ ٤٤٠).
(٢) «المجموع» (٧/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>