للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَكالةُ في الصُّلْحِ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ في صِحَّةِ الوَكالةِ في الصُّلحِ؛ لأنَّه في معنَى البَيعِ في الحاجةِ إلى التَّوكيلِ فيه، قالَ ابنُ قُدامةَ : ويَجوزُ التَّوكيلُ في الصُّلحِ … ولا نَعلَمُ فيه خِلافًا (١).

وقالَ ابنُ رَزينٍ : يَصحُّ إجماعًا (٢)؛ لأنَّ الوَكيلَ سَفيرٌ مَحضٌ، ولأنَّ السَّفيرَ حاكٍ قولَ غيرِه، ومَن حَكَى قولَ غيرِه لا يَلزَمُه حُكمُ ذلك القَولِ (٣).

قالَ الحَنفيَّةُ: والوَكيلُ بالصُّلْحِ ليسَ بوَكيلٍ في الخُصومةِ؛ لأنَّ الصُّلحَ عَقدٌ يَنبَني على المُوافَقةِ والمُسالَمةِ، وهو ضِدُّ الخُصومةِ.

ألَا تَرَى أنَّ الوَكيلَ بالخُصومةِ لا يَملِكُ الصُّلحَ، ولو أقَرَّ بأنَّ ذلك باطِلٌ لَم يَجُزْ إقرارُه على صاحِبِهِ؛ لأنَّ صِحَّةَ إقرارِ الوَكيلِ بالخُصومةِ باعتِبارِ أنَّه وَكيلٌ بجَوابِ الخَصْمِ، ولأنَّ الوَكيلُ بالصُّلحِ ليسَ بوَكيلٍ بالجَوابِ، وإنَّما هو وَكيلٌ بعَقدٍ يُباشِرُه، والإقرارُ ليسَ مِنْ ذلك العَقدِ في شَيءٍ (٤).


(١) «المغني» (٥/ ٥٢)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٠٥)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٢٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٠)، و «البيان» (٦/ ٣٩٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٢)، و «حاشية عميرة» (٢/ ٨٤٧).
(٢) «الفروع» (٤/ ٢٧٦)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٥٦)، وفي وجه للحنابلة أنه لا يصح.
(٣) «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧١)، و «البدائع» (٦/ ٢٣)، و «المبسوط» (١٩/ ١٤٨)، و «الاختيار» (٢/ ١٩١).
(٤) «المبسوط» (١٩/ ١٤٣، ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>