للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَكونُ يَمينًا، وقالَ القاضِي والشافِعيُّ في هذا القَسمِ لا يَكونُ يَمينًا وإنْ قُصدَ به اسمُ اللهِ تَعالى؛ لأنَّ اليَمينَ إنَّما تَنعقِدُ لحُرمةِ الاسمِ فمعَ الاشتِراكِ لا تَكونُ له حُرمةٌ، والنِّيةُ المُجردةُ لا تَنعقِدُ بها اليَمينُ.

ولنا: إنْ أقسَمَ باسمِ اللهِ تَعالى قاصِدًا به الحَلفَ به فكانَ يَمينًا مُكفّرةً كالقَسمِ الذي قبلَه، وقَولُهم إنَّ النِّيةَ المُجرَّدةَ لا تَنعقِدُ بها اليَمينُ نَقول به وما انعَقدَ بالنِّيةِ المُجردةِ إنَّما انعَقدَ بالاسمِ المُحتَملِ المُرادِ به اسمَ اللهِ تَعالى؛ فإنَّ النِّيةَ تَصرِفُ اللَّفظَ المُحتَملَ إلى أَحدِ مُحتَملاتِه فيَصيرُ كالمُصرحِ به كالكِناياتِ وغيرِها، ولهذا لو نَوى بالقَسمِ الذي قبلَه غيرَ اللهِ تَعالى لَم يَكنْ يَمينًا لنِيتِه.

فَصلٌ: والقَسمُ بصِفاتِ اللهِ تَعالى كالقَسمِ بأَسمائِه وصِفاتِه تَنقسمُ أيضًا ثَلاثةَ أَقسامٍ … (١).

ثانيًا: الحَلِفُ بغيرِ اللهِ:

اتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ الحَلفَ بغيرِ اللهِ تَعالى أو بصِفةٍ مِنْ صِفاتِه مَمنوعٌ فلا يَجوزُ الحَلفُ بالآباءِ أو بالكَعبةِ أو بأيِّ شيءٍ غير اللهِ تَعالى أو صِفةٍ مِنْ صِفاتِه، وكذا لا يَجوزُ الحَلفُ بالنَّبيِّ عندَ الجُمهورِ كما سيَأتِي، واستَدلَّ العُلماءُ على هذا بما يلي:

ما رَواه نافعٌ عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ أنَّ رَسولَ اللهِ أَدركَ عُمرَ بنَ الخَطابِ وهو يَسيرُ في رَكبٍ يَحلفُ بأَبيه فقالَ: «ألا إنَّ اللهَ


(١) «المغني» (٩/ ٣٩٤، ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>