للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَغسيلُ المَرأةِ لِزَوجِها:

قال ابنُ المنذِرِ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ للمَرأةِ أنْ تُغسِّلَ زَوجَها إذا ماتَ (١)؛ لحَديثِ عائِشةَ قالَت: «لو استَقبَلتُ مِنْ أَمرِي ما استَدبَرتُ ما غسَّلَ النَّبيَّ إلا نِساؤُه» (٢).

قال الإمامُ البَيهَقيُّ : «فتَلهَّفتْ على ذلك، ولا يُتلهَّفُ إلا على ما يَجوزُ» (٣).

قال ابنُ المنذِرِ : وقد رَوَيْنا عن أَبي بَكرٍ الصِّديقِ أنَّه أوصى أنْ تُغسِّلَه أسماءُ، وذلك بحَضرةِ المُهاجِرينَ والأَنصارِ لَم يُنكِرْ ذلك منهم مُنكِرٌ، وإنَّ أبا موسى غسَّلَته امرأتُه (٤).

أمَّا المُطلَّقةُ المَبتوتةُ فلا تُغسِّلُ مَنْ كانَ زَوجَها:

قال ابنُ رُشدٍ : وأجمَعوا على أنَّ المُطلَّقةَ المَبتوتةَ لا تُغسِّلُ مَنْ كانَ زَوجَها، واختَلفُوا في الرَّجعيَّةِ: فرُويَ عن مالِكٍ أنَّها تُغسِّلُه، وبه قالَ أبو حَنيفةَ وأَصحابُه (وأحمدُ) (٥). وقالَ ابنُ القاسِمِ: لا تُغسِّلُه، وإنْ كانَ


(١) «الأوسط» (٥/ ٣٧٤)، و «الإجماع» (٢٨)، وانظر: «الاستذكار» (٣/ ١١)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣١٦)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ١٥)، و «المجموع» (٦/ ٢٠٨)، و «الإفصاح» (١/ ٢٧)، و «المغني» (٣/ ٢٩٣).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (٣١٤١)، وابن ماجه (١٤٦٤)، وابن حبان في «صحيحه» (١٤/ ٥٩٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٣/ ٣٩٨).
(٣) «سنن البيهقي» (٣/ ٣٩٨).
(٤) «الأوسط» (٥/ ٣٧٤)، وحديث وصية أبي بكر ضعفه الألباني في «الإرواء» (٦٩٦).
(٥) «المغني» (٣/ ٢٩٤)، وفيه قال ابنُ قُدامةَ: فإنْ طلَّقَ امرأتَه ثم ماتَ أحَدُهما في العِدَّةِ وكان الطَّلاقُ رَجعيًّا فحُكمُها حُكمُ الزَّوجَيْن قبلَ الطَّلاقِ؛ لأنَّها زَوجةٌ تَعتدُّ لِلوفاةِ وتَرِثُه ويَرِثُها، ويُباحُ له وَطؤُها، وإنْ كانت بائِنةً لَم يَجزْ؛ لأنَّ اللَّمسَ والنَّظرَ مُحرَّمٌ حالَ الحَياةِ فبَعدَ المَوتِ أوْلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>