للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَتلُ الابنِ إذا قتَلَ والِدَه:

وأما الابنُ إذا قتَلَ أباهُ أو أمَّه فإنه يُقتلُ بإجماعِ أهلِ العِلمِ.

قالَ العَمرانِيُّ : ويُقتلُ الولدُ بالوالِدِ؛ لأنَّ الوالِدَ أكمَلُ منه .. فقُتلَ به، كما يُقتلُ الكافِرُ بالمُسلمِ، والعَبدُ بالحُرِّ، والمرأةُ بالرَّجلِ، وذلكَ كلُّه إجماعٌ (١).

قالَ أبو عُمرَ ابنُ عبدِ البَرِّ : أكثَرُ العُلماءِ على أنَّ الأبَ لا يُقتلُ بابنِه إذا قتَلَه عَمدًا، ويُقتلُ الابنُ عندَ الجَميعِ بالأبِ إذا قتَلَه عَمدًا (٢).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : ويُقتلُ الوَلدُ بالوالدِ؛ لعُموماتِ القِصاصِ مِنْ غيرِ فَصلٍ، ثم خُصَّ منها الوالِدُ بالنصِّ الخاصِّ، فبَقيَ الولدُ داخِلًا تحتَ العُمومِ، ولأنَّ القصاصَ شُرعَ لتَحقيقِ حِكمةِ الحَياةِ بالزَّجرِ والرَّدعِ، والحاجةُ إلى الزَّجرِ في جانِبِ الوَلدِ لا في جانِبِ الوالدِ؛ لأنَّ الوالدَ يَحبُّ ولَدَه لولَدِه لا لنَفسِه بوُصولِ النفعِ إليه مِنْ جِهتِه، أو يُحبُّه لحَياةِ الذكرِ لِما يَحيَى به ذِكرُه، وفيه أيضًا زِيادةُ شَفقةٍ تَمنعُ الوالدَ عن قتلِه.

فأما الوَلدُ فإنما يُحبُّ والِدَه لا لوالِدِه بل لنَفسِه وهو وُصولُ النفعِ إليه مِنْ جِهتِه، فلَم تَكنْ مَحبتُه وشَفقتُه مانِعةً مِنْ القَتلِ فلَزِمَ المَنعُ بشَرعِ القِصاصِ كما في الأجانبِ.


(١) «البيان» (١١/ ٣٢١).
(٢) «الاستذكار» (٨/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>