نَصَّ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّه يَجبُ على أهلِ الكُفرِ أنْ يَلتزِموا بأَحكامِها وأنَّ عَقدَ الهُدنِة يَقتَضي أمانَ المُسلِمينَ في النَّفسِ والمالِ والعِرضِ.
قالَ الشافِعيةُ: الهُدنةُ تَقتَضى أمانَ المُسلِمينَ في النَّفسِ والمالِ والعِرضِ فلزِمَهم ما يَجبُ في ذلك، ومَن شَربَ منهم الخَمرَ أو زَنَى لم يَجبْ عليه الحَدُّ؛ لأنَّه حقٌّ للهِ تَعالى ولم يَلتزِمْ بالهُدنةِ حُقوقُ اللهِ تَعالى؛ فإنْ سرَقَ مالًا لمُسلمٍ ففيه قَولانِ:
أحدُهما: أنَّه لا يَجبُ عليه القَطعُ؛ لأنَّه حَدٌّ خالِصٌ للهِ تَعالى فلَم يَجبْ عليه كحَدِّ الشُّربِ والزِّنا.
ويَجبُ عليهم الكَفُّ عن قَبيحِ القَولِ والعَملِ في حَقِّ المُسلِمينَ وبَذلُ الجَميلِ منهما، فلو كانُوا يُكرِمون المُسلِمينَ فصاروا يُهينونهم أو يُضيِّفون النَّزيلَ ويَصِلونَهم فصاروا يَقطَعونَهم أو يُعظِّمونَ كِتابَ الإمامِ فصاروا يَستخِفُّون به أو نقَصوا عما كانُوا يُخاطَبونَ به سألَهم الإمامُ عن سَببِ فِعلِهم؛ فإنِ اعتذَروا بما يَجوزُ قَبولُ مِثلِه قَبِله، وإنْ لم يَذكُروا عُذرًا أمَرَهم