للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوانِعُ الرُّجوعِ في الهِبةِ:

ذكَرَ الفُقهاءُ الذين أَجازوا الرُّجوعَ في الهِبةِ سَواءٌ كانَت فيما وهَبَ الأبُ لابنِه أو الذين أجازوا الرَّجوعَ مُطلقًا إذا لم يُثَبْ منها مَوانعَ تَمنعُ من الرُّجوعِ فيها، وهي على التَّفصيلِ التالي:

أولًا: مَوانعُ الرُّجوعِ في الهِبةِ عندَ الحَنفيةِ:

١ - أنْ يُعوِّضَه عن الهِبةِ: فإذا عوَّضَه سقَطَ الرُّجوعُ؛ لقَولِه : «الواهِبُ أحَقُّ بهِبتِه ما لم يُثبْ منها» (١)، أي: ما لم يُعوَّضْ عنها، ولأنَّه إذا قبَضَ العِوضَ فقد سلَّمَ له بدَلَها فلا يَرجعُ كالبَيعِ، ويُعتبَرُ في العِوضِ ما يُعتبَرُ في الهِبةِ من اشتِراطِ القَبضِ وعَدمِ الإِشاعةِ، وسَواءٌ كانَ العِوضُ قَليلًا أو كَثيرًا من جِنسِ الهِبةِ أو مِنْ غيرِ جِنسِها، وسَواءٌ دفَعَ العِوضَ في العَقدِ أو بعدَه، وصُورتُه أنْ يَذكُرَ لَفظًا يَعلمُ الواهِبُ أنَّه عِوضٌ عن هِبتِه، بأنْ يَقولَ: «خُذْ هذا عِوضًا عن هِبتِك أو مُكافأةً عنها أو بدَلَها أو في مُقابَلتِها أو مُجازاةً عليها أو ثوابَها» وما أشبَهَ ذلك؛ فإنَّه عِوضٌ في هذا كلِّه إذا سلَّمَه وقبَضَه الواهِبُ، أما لو وهَبَ له هِبةً ولم يَقُلْ له شَيئًا من هذه الأَلفاظِ ولم يَعلمْ أنَّها عِوضٌ عن هِبتِه كانَ لكلِّ واحِدٍ منهما أنْ يَرجعَ في هِبتِه إذا لم يَحدُثْ في المَوهوبِ ما يَمنعُ الرُّجوعَ وليسَ للمُعوَّضِ أنْ يَرجعَ في العِوضِ؛ لأنَّه سلَّمَ له ما في مُقابلتِه، وهو سُقوطُ الرُّجوعِ، وإنْ عوَّضَه عن نِصفِ الهِبةِ


(١) رواه ابن ماجه (٢٣٨٧)، والبيهقي في «الكبرى» (١١٨٠٤)، والدارقطني (٣/ ٤٤)، والديلمي (٤/ ٤٣٥). قالَ المناوي (٦/ ٣٧١): قالَ ابنُ حَجرٍ: سندُه ضَعيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>