للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرطٌ، ولأنَّ الحدَّ إنما وجَبَ بالقذفِ دَفعًا لعارِ الزنا عن المَقذوفِ، وما في الكافِرِ مِنْ عارِ الكُفرِ أعظَمُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأما المَقذوفُ فاتَّفقُوا على أنَّ مِنْ شَرطِه أنْ يَجتمعَ فيه خَمسةُ أوصافٍ: البلوغُ والحُريةُ والعَفافُ والإسلامُ وأنْ يكونَ معهُ آلةُ الزِّنا، فإنِ انخَرمَ مِنْ هذهِ الأوصافِ وصفٌ لم يَجبِ الحدُّ، والجُمهورُ بالجُملةِ على اشتِراطِ الحُريةِ في المَقذوفِ، ويُحتملُ أنْ يَدخلَ في ذلكَ خلافٌ، ومالكٌ يَعتبِرُ في سِنِّ المرأةِ أنْ تُطيقَ الوطءَ (٢).

٥ - العِفَّةُ عن الزِّنا:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يُشترطُ في المَقذوفِ أنْ يكونَ عَفيفًا عن الزنا، فإنْ قذَفَ مَنْ عُرفَ بزِناهُ ببيِّنةٍ أو إقرارِه لم يَجبْ عليه الحَدُّ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: ٤].

وقولِه تعالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣)[النور: ٢٣].

والمُحصَناتُ الحَرائرُ، والغافِلاتُ العَفائفُ عن الزِّنا، فلمَّا وجَبَ الحَدُّ على القاذفِ إذا لم يَأتِ بأربَعةِ شُهداءَ على زِنَى المَقذوفِ دَلَّ على أنه إذا أتَى بأربَعةِ شُهداءَ على زِناه أنه لا حَدَّ عليه.


(١) المَصادِر السَّابقَة.
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٣٣٠)، وباقي المَصادِر السَّابقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>