اشتَرطَ الفُقهاءُ في اللَّبنِ الذي يَثبتُ به التَّحريمُ أنْ يَصلَ إلى جَوفِ الطفلِ، ولا فرْقَ بينَ أنْ يَصلَ بمَصِّ الثَّديِ أو بإيجارٍ مِنْ الحَلقِ أو إسعاطٍ مِنْ الأنفِ، فإذا حلَبَتْ لبَنَها في قارورةٍ فإنَّ الحُرمةُ تَثبتُ بإيجارِ هذا اللَّبنِ صَبيًّا وإنْ لم يُوجَدِ المَصُّ، فلا فرْقَ بينَ المَصِّ والصَبِّ والسَّعوطِ والوَجورِ، وهذا كلُّه لا خِلافَ فيه بينَ المَذاهبِ الأربَعةِ (١).
إلا أنهُم اختَلفوا فيما يلي:
أولاً: إذا اختَلطَ اللَّبنُ بشَيءٍ مائعٍ:
نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ على أنَّ لبَنَ المَرأةِ إذا اختَلطَ بالماءِ أو بغَيرِه مِنْ المائعاتِ -سواءٌ كانَتْ طاهرةً أو نَجسةً- واللبنُ هو الغالِبُ بأنْ وُجدَ طَعمُه أو لونُه أو رائِحتُه تَعلقَ به التحريمُ، أو كانَ مساويًا كما يقولُ المالِكيةُ فإنه يَحصلُ به التَّحريمُ.
وإنْ غلَبَ الماءُ أو المائعُ بأنْ لم يُوجَدْ طَعمُه ولا لونُه ولا رائحتُه لم يَتعلقْ به التحريمُ عندَ الجُمهورِ الحَنفيةِ والمالِكية في المَذهبِ والحَنابلةِ؛
(١) «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٨٠، ٣٨١)، و «اللباب» (٢/ ٦٥)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٢١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٧٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٦٨)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٣٩٠)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٠١، ٢٠٢)، و «كنز الراغبين» (٤/ ١٥٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٣٢، ١٣٣)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ١١١، ١١٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٦٣٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٢٣).