للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِسمُ الخامِسُ: القَتلِ بسَببٍ:

القَتلُ بسَببٍ عندَ الحَنفيةِ: هو القَتلُ نَتيجةَ فِعلٍ لا يُؤدِّي مُباشَرةً إلى قَتلٍ، كحافرِ البِئرِ وواضِعِ الحَجرِ في غيرِ مِلكِه فيَعطَبُ به إنسانٌ فيَموتُ؛ فلم يَتعمَّدِ القَتلَ، ولم يُخطئْ فيه، وإنما هو سَببٌ فيه لتَعدِّيه.

ومُوجَبُ ذلكَ عندَ الحَنفيةِ إذا تَلفَ فيه آدَميٌّ الدِّيةُ على العاقِلةِ؛ لأنه سَببُ التلفِ.

ولا كفَّارةَ فيه؛ لأنه لم يُباشِرِ القتلَ بنَفسِه ولا وقَعَ بثِقلِه.

ولا يُحرمُ المِيراثَ بسَببِ الحَفرِ ووَضعِ الحَجرِ؛ لأنه غيرُ مُتهَمٍ في ذلك، وهذا كلُّه إذا حفَرَها في مَمرِّ الناسِ، أما في غيرِ مَمرِّهم فلا ضَمانَ عليهِ.

وإنما يَضمنُ بذلكَ إذا لم يَتعمَّدِ المارُّ المَشيَ على الحَجرِ، أما إذا تَعمَّدَ المارُّ ذلكَ فلا يَضمنُ؛ لأنه هو الذي جَنَى على نَفسِه بتَعمُّدِه المُرورَ عليهِ.

ولو وضَعَ حَجرًا فنَحَّاهُ غيرُه عن مَوضعِه فالضَّمانُ على الذي نحَّاه.

وإذا اختَلفَ الوليُّ والحافِرُ، فقالَ الحافِرُ: «هو الذي أسقَطَ نفسَه» فالقولُ قولُ الحافرِ، ولو غلَّقَ على حُرٍّ بَيتًا أو طيَّنَه فماتَ جُوعًا أو عَطشًا لم يَضمنْ شيئًا؛ لأنه سَببٌ لا يُؤدِّي إلى التلفِ، وإنما ماتَ بسَببٍ آخرَ وهو فقدُ الطعامِ والماءِ، فلَم يَبْقَ إلا اليدُ، والحُرُّ لا يُضمَنُ باليدِ.

وإنْ سَقى رَجلًا سُمًّا أو أطعَمَه إياهُ فماتَ، فإنْ كانَ الميِّتُ أكَلَه بنَفسِه فلا ضَمانَ على الذي أطعَمَه، ولكنْ يُعزَّرُ ويُضربُ، وإنْ أوجَرَه إياهُ أو كلَّفَه

<<  <  ج: ص:  >  >>