للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعِلمِ أو صالَحَ أُمَّه أو رشَدَ فهو وَصيِّي»، صَحَّت الوَصيةُ في الصُّورِ كلِّها، ويَصيرُ المَذكورُ وَصيًّا عنه بوُجودِ الشَّرطِ؛ للخَبَرِ الصَّحيحِ «أَميرُكم زَيدٌ، فإنْ قُتلَ فجَعفرٌ، فإنْ قُتلَ فعبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ» والوَصيةُ كالتَّأميرِ (١).

الشَّرطُ الثالِثُ: أنْ يَكونَ عَدلاً:

ذهَبَ عامَّةُ أهلِ العِلمِ من المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ وغيرِهم إلى أنَّ الأصلَ في الوَصيِّ أنْ يَكونَ عَدلًا أَمينًا؛ لأنَّها وِلايةٌ وائتِمانٌ، فلا بُدَّ فيها من العَدالةِ.

إلا أنَّ العُلماءَ اختلَفوا في أمرَينِ:

الأمرُ الأولُ: هل تُشتَرطُ العَدالةُ ابتِداءً أو تَصحُّ الوَصيةُ إلى الفاسِقِ ثم يَعزلُه الحاكِمُ أو يَضمُّ إليه أَمينًا؟

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ -فيما نقَلَه مُحمدٌ في «الأصل» - والمالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ العَدالةَ شَرطٌ ابتِداءً، فلا تَصحُّ الوَصيةُ للفاسِقِ، فالفِسقُ يُنافي الوَصيةَ؛ لأنَّ الوَصيةَ تَقتَضي وِلايةً وأَمانةً، والفاسِقُ ليسَ من أهلِ الوِلايةِ والأَمانةِ، ولأنَّ العَدالةَ وازِعٌ عن الفَسادِ فعَدمُها يُبطلُ الوِلايةَ، وقد حَكى الدَّميريُّ الإِجماعَ عليه، قالَ: الفاسِقُ مَمنوعٌ منها، أي: من الوِلايةِ، بالإِجماعِ (٢)، وقالَ الخَطيبُ


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٤٨٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٥٢١).
(٢) «النجم الوهاج» (٦/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>