للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- الزَّكاةُ في مالِ الكافِرِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الكافِرَ الأَصليَّ لا تَجبُ عليه الزَّكاةُ، حَربيًّا كانَ أو ذِميًّا؛ لأنَّه حَقٌّ لم يَلتزِمْه فلم يَلزمْه (١)؛ ولأنَّها وجَبَت طُهرةً للمُزكِّي، والكافِرُ لا طُهرةَ له ما دامَ على كُفرِه؛ ولأنَّها فَرعٌ من الإِسلامِ، وهو مَفقودٌ، فلا يُطالَبُ بها وهو كافِرٌ، كما لا تَكونُ دَينًا في ذِمتِه، يُؤدِّيها إذا أسلَمَ (٢).

واستَدلَّ العُلماءُ على ذلك بحَديثِ ابن عَباسٍ في الصَّحيحَيْن: أنَّ النَّبيَّ لَمَّا بعَثَ مُعاذًا إلى اليَمنِ قالَ له: «إنَّكَ تَأتِي قَومًا مِنْ أَهلِ الكِتابِ فَادْعُهم إلى شَهادَةِ أَنْ لَا إِلهَ إلا اللهُ وأنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإِنْ هُمْ أَطاعُوا لذَلك فأَعلِمهُم أنَّ اللَّهَ افتَرضَ عليهم خَمسَ صَلَواتٍ في كلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطاعُوا لذَلك فأَعلِمهُم أنَّ اللَّهَ افْتَرضَ عليهم صَدقَةً تُؤخَذُ من أَغنِيائِهم فَترَدُّ في فُقَرائِهم، فإنْ هُمْ أَطاعوا لذَلك فإِيَّاك وكَرائِمَ أَموالِهم، واتَّقِ دَعوَةَ المَظْلومِ فإنَّه ليسَ بَينَها وبَينَ اللَّهِ حِجابٌ» (٣).

فهذا الحَديثُ يَدلُّ على أنَّ المُطالبةَ بالفَرائضِ في الدُّنيا لا تَكونُ إلا بعدَ الإِسلامِ، وهذا قَدرٌ مُتفَقٌ عليه (٤).


(١) مَعنى هذا: أنَّهم لو التَزموا هذا ورضُوه لم يكُن بذلك بأسٌ.
(٢) «الإجماع» لابن المنذر (٣٣)، و «الإفصاح» (١/ ٣٠٣)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٣٩)، و «المجموع» (٦/ ٨٥٨).
(٣) رواه البخاري (١٤٢٥)، ومسلم (١٩)، واللفظ له.
(٤) «شرح مسلم» (١/ ١٩٦، ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>