للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «الخانيَّة»: لا قِصاصَ عليهِ ولا دِيةَ؛ لأنه شَربَ باختيارِه، إلا أنَّ الدافعَ خدَعَه، فلا يَجبُ عليهِ إلا التَّعزيرُ والاستِغفارُ (١).

وكذا لو قالَ لآخَرَ: «كُلْ هذا الطَّعامَ فإنه طيِّبٌ» فأكَلَه فإذا هو مَسمومٌ فماتَ لم يَضمنْ (٢).

وهذا الخِلافُ السابقُ فيما لو قدَّمَ له السُمَّ وهو عالِمٌ أنه سُمٌّ، فإنْ لم يَعلمِ المُقدِّمُ فلا قِصاصَ عليهِ، وفيه الدِّيةُ؛ لأنه قَتلُ خَطأٍ.

وقالَ المالِكيةُ: مَنْ قدَّمَ لشَخصٍ طَعامًا أو شَرابًا أو لباسًا مَسمومًا فأكَلَه فماتَ فإنه يُقتصُّ منه إذا كانَ عالِمًا بذلكَ وإنْ لم يَعلمْ به الآكِلُ، فإنْ لم يَعلمْ مُقدِّمُه بأنه سُمٌّ أو مَسمومٌ أو عَلِمَ به الآكلُ فلا قِصاصَ ولا شَيءَ عليهِ؛ لأنَّ المُتناوِلَ إذا عَلِمَ فهو القاتلُ لنَفسِه، وإذا لم يَعلمِ المُقدِّمُ فهو مَعذورٌ (٣).

الإكراهُ على القَتلِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ مَنْ أُكرِهَ على قَتلِ غَيرِه أنه لا يَجوزُ له الإقدامُ على قَتلِه ولا انتِهاكُ حُرمتِه بجَلدٍ أو غَيرِه، ويَصبِرُ على البَلاءِ الذي نزَلَ به، ولا يَحلُّ له أنْ يَفديَ نفسَه بغَيرِه ولا يسَعُه الإقدامُ عليهِ؛ لأنَّ ذلكَ مِنْ حُقوقِ


(١) «البحر الرائق» (٨/ ٣٣٥، ٣٣٦)، و «مجمع الضمانات» ص (٣٩٣).
(٢) «الفتاوى الهندية» (٦/ ٦).
(٣) «التاج والإكليل» (٥/ ٢٢٤)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ١٨٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٢٢٩، ٢٣٠)، و «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (١٠/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>