وقالَ الشَّافعيُّ في إحدَى قَولَيهِ: لا يَحنَثُ، وهوَ أظهَرُهما، واختارَ القَفَّالُ أنَّ الطَّلاقَ يقَعُ والحِنْثُ لا يَحصُلُ.
وعَن أحمَدَ رِوايتانِ: إحدَاهُما: إنْ كانَتِ اليَمينُ باللهِ أو بالظَّهارِ أنْ لا يَفعَلَ شَيئًا ففعَلَه ناسِيًا لم يَحنَثْ، وإنْ كانَ بالطَّلاقِ والعِتاقِ حنَثَ، والرِّوايةُ الثَّانيةُ: أنَّه يَحنَثُ في الجَميعِ، والرِّوايةُ الثَّالثةُ: لا يَحنَثُ في الجَميعِ (١).
الصُّورةُ الثَّالثةُ: أنْ يُعلِّقَ طلاقَها بفِعلِ غَيرِه كزَوجَةٍ ووَلدٍ ففعَلَتْه أو فعَلَه ناسِيًا:
قالَ الشَّافعيةُ: لو علَّقَ الطَّلاقَ بفِعلِ غَيرِه وقَد قصَدَ بذلكَ منْعَهُ أو حثَّهُ وهوَ ممَّن يُبالي بتَعليقِه -أي يَشُقُّ عليهِ حِنثُه- فلا يُخالِفُه لنَحوِ صَداقةٍ أو قَرابةٍ أو زَوجيَّةٍ فيَحرِصُ على إبرارِ قَسَمِه ولو حَياءً لمَكارِمِ الأخلاقِ، وليسَ المُرادُ خَشيةَ العُقوبَةِ مِنْ مُخالَفتِه، وعَلِمَ غَيرُه بتَعليقِه، فلا يقَعُ الطَّلاقُ في الأظهَرِ إذا فعَلَه ناسِيًا أو مُكرَهًا أو جاهِلًا، وإلَّا بأنْ لم يَقصِدِ الزَّوجُ منْعَه أو حثَّهُ أو لم يَكنْ يُبالي بتَعليقِه كالسُّلطانِ والحَجِيجِ، أو كانَ يُبالي بهِ ولَم يَعلَمْ بهِ، فيقَعُ الطَّلاقُ بفِعلِه قَطعًا، وإنِ اتَّفقَ في بعضِ الصُّورِ نِسيانٌ ونَحوُه؛ لأنَّ الغرَضَ حِينئذٍ مُجرَّدُ تَعليقِ الفِعلِ مِنْ غَيرِ قَصدِ مَنعٍ أو حَثٍّ.
(١) «الإفصاح» (٢/ ٣٧٥، ٣٧٦)، وقالَ السُّغْديُّ الحَنفيُّ ﵀: طلاقُ اللَّاغِي وهو أنْ يَحلِفَ الرَّجلُ بطَلاقِ امرأتِه أنه لم يَفعَلْ كذا وكذا، وهو يَرَى أنه لَم يَفعَلْ ثمَّ عَلِمَ أنه فعَلَ ذلكَ الفِعلَ فإنَّ امرَأتَه تَطلُقُ. «فتاوَى السُّغديِّ» (١/ ٣٥٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute