للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُفرَ كفَرَ، وإلا فلا، وإذا لم يَكنْ فيه ما يَقتضي الكُفرَ عُزِّرَ واستُتيبَ منها ولا يَقتلُ عندَنا، فإنْ تابَ قُبِلتْ تَوبتُه (١).

حُكمُ مَنْ قتَلَ غيرَه بالسِّحرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن سحَرَ غيرَه فقتَلَه بسِحرِه، هل يُقتصُّ منه أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ مَنْ قتَلَ غيرَه بسِحرٍ اقتُصَّ منه، ويَثبتُ ذلكَ عندَ المالِكيةِ بالبيِّنةِ أو الإقرارِ.

وقالَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ: هذا إذا كانَ سِحرُه يَقتلُ مثلُه غالِبًا لَزمَه القَودُ؛ لأنه قتَلَه بما يَقتلُ غالِبًا، فأشبَهَ ما لو قتَلَه بالسِّكينِ، وإنْ كانَ ممَّا لا يَقتلُ غالبًا أو كانَ مما يَقتلُ أو لا يَقتلُ ففيه الديَةُ دونَ القِصاصِ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ؛ لأنه عَمدُ الخَطأِ، فأشبَهَ ضرْبَ العَصا.

وإنْ قالَ الساحِرُ: «لا أعلَمُه قاتِلًا» لم يُقبلْ قولُه على الصَّحيحِ عندَ الحَنابلةِ؛ لأنه خِلافُ الظاهِرِ.

وقالَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ: يُقبلُ قَولُه وعليه الديَةُ مُخفَّفةً إنْ قالَ: «سِحرِي لا يَقتلُ»، ومُغلَّظةً إنْ قالَ: «قد يَقتلُ وقد لا يَقتلُ» والغالِبُ منه السَّلامةُ.

وقالَ الحَنابلةُ: وإنْ وجَبَ قتلُه كانَ قتلُه حَدًّا، وقيلَ: يُقتلُ قِصاصًا.


(١) «شرح صحيح مسلم» (١٤/ ١٧٦)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ١٦٥، ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>