للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخَل دُخولًا كامِلًا، كَدُخولِ المُنفَرِدِ، فاستَحقَّ العِوَضَ كامِلًا.

وإنْ جَعلَ رَبُّ العَبدِ الآبِقِ مثلًا لِواحِدٍ مُعيَّنٍ، كَزَيدٍ، شَيئًا، فرَدَّه مَنْ جُوعِلَ -وهو زَيدٌ في المِثالِ-، هو وآخَرانِ مَعه، وقالَا -أي: الآخَرانِ-: رَدَدْناه مُعاوَنةً لِزَيدٍ، استَحقَّ زَيدٌ كلَّ الجُعْلِ، ولا شَيءَ لهما؛ لأنَّهما تَبَرَّعا بعَملِهما.

وإنْ قالَا: رَدَدْناه لِنَأخُذَ العِوَضَ مِنه لِأنْفُسِنا، فلا شَيءَ لهما؛ لأنَّهما عمِلا مِنْ غيرِ جُعلٍ، وله ثُلُثُ الجُعْلِ؛ لأنَّه عمِل ثُلُثَ العَملِ، فاستَحقَّ ثُلُثَ الجُعْلِ، ولَم يَستحِقَّ الآخَرانِ شَيئًا؛ لأنَّهما عمِلا مِنْ غيرِ جُعلٍ، قالَ ابنُ قُدامةَ: وهذا كلُّه مَذهبُ الشَّافِعيِّ، ولا أعلَمُ فيه خِلافًا (١).

المَسألةُ العاشِرةُ: التَّفاوُتُ في الجُعْلِ، بأنْ جعَل الجاعِلُ لِواحِدٍ دِينارًا ولِلآخَرِ دِينارَيْنِ:

ذهَب الشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الجاعِلَ لو فاوَتَ بينَ الجَماعةِ العامِلِينَ فجعَل لِواحِدٍ مِنهم دِينارًا، ولِلآخَرِ دِينارَيْنِ، ولِلثَّالثِ ثَلاثةَ دَنانيرَ، بأنْ قالَ لِرَجُلٍ: إنْ رَدَدتَ عَبدي فلكَ دِينارٌ، وقالَ لِآخَرَ: إنْ رَدَدْتَه فلكَ دِينارانِ، وقالَ لِآخَرَ: إنْ رَدَدتَه فلكَ ثَلاثةٌ، فرَدُّوه جَميعًا، استَحقَّ كُلٌّ واحِدٍ مِنهم ثُلُثَ ما جُعِلَ له؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهم عمِل ثُلُثَ العَملِ، فاستَحقَّ ثُلُثَ المُسمَّى، ويَكونُ إنْ رَدَّه اثنانِ مِنهم لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما نِصفُ جُعلِه؛ لأنَّه عمِل نِصفَ العَملِ، فاستَحقَّ نِصفَ المُسمَّى.


(١) «المغني» (٦/ ٢١)، و «المبدع» (٥/ ٢٦٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٤٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٠٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٢/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>