يَتعينُ أحَدُهما مُطلَقًا، بل مع العُدوانِ والتَّفريطِ والفَسادِ والضَّررِ لا يُقدَّمُ مَنْ يكونُ كذلكَ على البَرِّ العادِلِ المُحسنِ القائمِ بالواجِبِ (١).
إذا بلَغَ الوَلدُ أينَ يَكونُ؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في الغُلامِ أو الجارِيةِ إذا بلَغَا أينَ يَكونُ، هل له حَقُّ الانفرادِ بنَفسِه فيَسكنُ حيثُ أحَبَّ ولا يُجبَرُ على الكَونِ مع أحَدِهما؟ أم يُجبَرُ؟
فالَّذي عليهِ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ أنَّ الولدَ البالغَ الرَّشيدَ له الانفِرادُ بنَفسِه عن أبوَيهِ، ولا يُجبَرُ على الكَونِ عندَ أحَدِهما.
وأما البِنتُ فعندَ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والحَنابلةِ تُجبَرُ على السُّكنى معَ أحَدِ أبوَيها على التَّفصيلِ التالي.
وعندَ الشافِعيةِ لها الانفِرادُ إذا كانَتْ أمِينةً.
وأما الثيِّبُ فيَجوزُ لها الانفِرادُ عندَ الجُمهورِ إذا كانَتْ أمينةً ولم يُخْشَ منها شَيءٌ.
قالَ الحَنفيةُ: الغُلامُ إذا بلَغَ رَشيدًا فلَه أنْ يَنفردَ بالسُّكنى، وليسَ لأبيه أنْ يَضمَّه إلى نَفسِه بغيرِ اختِيارِه، إلا أنْ يَكونَ مُفسدًا مَخوفًا عليهِ، فحِينئذٍ له أنْ يَضمَّه إلى نَفسِه بغيرِ اختيارِه؛ اعتِبارًا لنَفسِه بمالِه، فإذا بلَغَ رَشيدًا لا يَبقَى للأبِ يَدٌّ في مالِه، فكذا في نَفسِه، وإذا بلَغَ مُبذِّرًا كانَ له وِلايةُ حِفظِ مالِه، فكذا له أنْ يَضمَّه إلى نَفسِه إمَّا لدَفعِ الفِتنةِ، أو لدَفعِ العارِ عن نَفسِه، فإنه يُعيَّرُ بفَسادِ ابنِه.
(١) «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ١٣٠، ١٣٢)، و «المستدرك على مجموع الفتاوى» (٥/ ٨٥)، و «منار السبيل» (٣/ ٢١٣، ٢١٤).