وبلَغَنا أنَّ رجلَين مِنَ الخوارجِ أَتَيَا عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ فكانَ ممَّا أنكَرَا عليه رَجمُ الزاني وتَحريمُ الجَمعِ بينَ المرأةِ وعمَّتِها وبينَها وبينَ خالتها، وقالا: ليسَ هذا في كِتاب اللهِ تعالى، فقالَ لهما: كَمْ فَرَضَ اللهُ عليكم مِنَ الصلاةِ؟ قالَا: خمسَ صلواتٍ في اليومِ والليلةِ، وسألهما عن عددِ ركعاتها فأخبراه بذلكَ، وسألَهُما عن مِقدارِ الزكاةِ ونُصُبِها فأخبَراهُ، فقالَ: فهل تَجدَانِ ذلكَ في كتابِ اللهِ؟ قالا: لا نَجدُه في كتاب اللهِ، قالَ: فمِن أينَ صِرتُما إلى ذلكَ؟ قالا: فعَلَه رسولُ اللهِ ﷺ والمُسلمونَ بعدَه، قالَ: فكذلكَ هذا.
ثمَّ لا فرْقَ بينَ الخالةِ والعمَّةِ حقيقةً أو مَجازًا كعمَّاتِ آبائِها وخالاتهم وعمَّاتِ أمَّهاتِها وخالاتهنَّ وإنْ علَتْ دَرجتُهن، مِنْ نسَبٍ كانَ ذلكَ أو مِنْ رَضاعٍ، فكلُّ شَخصَينِ لا يجوزُ لأحدِهما أنْ يتزوَّجَ الآخرَ لو كانَ أحدُهما ذكَرًا والآخَرُ أنثى لأجلِ القرابةِ لا يجوزُ الجمعُ بينَهما؛ لتأديةِ ذلكَ إلى قَطيعةِ الرحمِ القريبةِ؛ لِمَا في الطِّباعِ مِنَ التنافسِ والغَيرةِ بينَ الضرائرِ، ولا يَجوزُ الجمعُ بينَ المرأةِ وأمِّها في العقدِ؛ لِمَا ذكَرْناه، ولأنَّ الأمَّ إلى ابنتِها أقربُ مِنَ الأختَين، فإذا لم يُجمَعْ بينَ الأختَين فالمرأةُ وابنتُها أَولى (١).
الجَمعُ بينَ المَرأةِ وبنتِ عمَّتِها أو بنتِ خالتِها:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنه يَجوزُ نكاحُ الرَّجلِ مِنْ المرأةِ وبنتِ عمَّتِها أو عمِّها أو المرأةِ وبنتِ خالتِها أو خالِها؛ لأنَّ إحداهما لو كانَ