لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ مَسحَ الرأسِ في الوُضوءِ من أَركانِه وفُروضِه؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، وللأَحاديثِ الوارِدةِ في هذا، وخصوصًا حَديثَ عُثمانَ ﵁ في وُضوءِ النَّبيِّ ﷺ وفيه:«ثم مسَحَ برَأسِه»، ولإِجماعِ الفُقهاءِ على ذلك (١).
إلا أنَّهم اختَلَفوا في القَدرِ المُجزئِ في مَسحِ الرأسِ في الوُضوءِ على أَقوالٍ:
القَولُ الأولُ: ذهَبَ الإمامُ مالِكٌ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى وُجوبِ مَسحِ جَميعِ الرأسِ. وعن الإمامِ أحمدَ أنَّه يُجزئُ مَسحُ بَعضِه، قالَ أبو الحارِثِ: قُلتُ لأحمدَ: فإنْ مسَحَ برأسِه وترَكَ بَعضَه؟ قالَ: يُجزئُه، ثم قالَ: ومَن يُمكنُه أنْ يَأتي على الرأسِ كلِّه؟ قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: إلا أنَّ الظاهِرَ عن أحمدَ ﵀ في حَقِّ الرَّجلِ وُجوبُ الاستِيعابِ، وأنَّ المَرأةَ يُجزئُها مَسحُ مُقدَّمِ رأسِها.
قالَ الخَلَّالُ: العَملُ في مَذهبِ أحمدَ أبي عبدِ اللهِ أنَّها إنْ مسَحَت مُقدَّمَ رَأسِها أجزَأَها.
(١) «رد المحتار» (١/ ٢١٣)، و «بدائع الصنائع» (١/ ٢١)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٤٣)، و «روضة الطالبين» (١/ ١٩٩)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٥٩)، و «كفاية الأخيار» ص (٦٥)، و «المغني» (١/ ١٥٦)، و «منار السبيل» (١/ ٣٣).