للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قالَ: «كلَّما طلَّقتُكِ فقدْ راجَعتُكِ» لم يَصحَّ كذلكَ عندَ الحَنابلةِ؛ لأنه راجَعَها قبلَ أنْ يَملكَ الرجعةَ، فأشبَهَ الطلاقَ قبلَ النكاحِ، وإنْ قالَ: «إنْ قَدِمَ أبوكِ فقدْ راجَعتُكِ» لم يَصحَّ؛ لأنه تَعليقٌ على شَرطٍ (١).

٢ - عَدمُ شَرطِ الخِيارِ في الرَّجعةِ:

قالَ الحَنفيةُ: مِنْ شَرطِ صحَّةِ الرجعةِ عَدمُ شَرطِ الخِيارِ، حتَّى لو شرَطَ الخِيارَ في الرجعةِ لَم يَصحَّ؛ لأنها استِبقاءُ النكاحِ، فلا يَحتملُ شرْطَ الخِيارِ كما لا يَحتملُ الإنشاءَ (٢).

٣ - أنْ تَكونَ الرَّجعةُ مِنْ الزَّوجِ لا مِنْ الزَّوجةِ:

قالَ الحَنفيةُ: يُشترطُ لصحَّةِ الرجعةِ أنْ يَكونَ أحَدُ نَوعَي رُكنِ الرجعةِ -وهو القولُ- منهُ لا منها، حتَّى لو قالَتْ للزوجِ: «راجَعتُكَ» لم يَصحَّ؛ لقَولِه : ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] أي: أحقُّ برَجَعتِهنَّ منهنَّ، ولو كانَتْ لها وِلايةُ الرجعةِ لم يَكنِ الزوجُ أحقَّ بالرجعةِ مِنها، فظاهِرُ النصِّ يَقتضِي أنْ لا يكونَ لها ولايَةُ الرجعةِ أصلًا، إلا أنَّ جوازَ الرجعةِ بالفِعلِ منها عرَفْناهُ بدَليلٍ آخَرَ وهو ما بيَّنَّا (٣).

وهذا أيضًا مُقتَضى كلامِ سائرِ الفُقهاءِ.


(١) «المغني» (٧/ ٤٠٥)، و «المبدع» (٧/ ٣٩٥)، و «الإنصاف» (٩/ ١٥٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٩٨).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٦).
(٣) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>