للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُعاهَدين، ويَدعو إلى مُراعاةِ حُقوقِهم وإنصافِهم والإحسانِ إليهم ويَنهَى عن إيذائِهم.

رَوى أبو داودَ في السُّننِ عن صَفوانَ بنِ سُلَيمٍ عن عِدةٍ من أبناءِ أصحابِ رَسولِ اللهِ عن آبائِهم عن رَسولِ اللهِ قالَ: «ألا مَنْ ظلَمَ مُعاهَدًا أو انتقَصه أو كلَّفه فوقَ طاقَتِه أو أخَذَ منه شَيئًا بغيرِ طِيبِ نَفسٍ فأنَا حَجِيجُه (أي: أنا الذي أُخاصِمُه وأُحَاجُّه) يَومَ القِيَامةِ» (١).

وعن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو عن النَّبيِّ قالَ: «مَنْ قتَلَ مُعاهَدًا لم يَرَحْ رائِحةَ الجَنةِ، وإنَّ رِيحَها تُوجَدَ من مَسِيرةِ أربَعينَ عامًا» (٢).

وقالَ ابنُ حَزمٍ في «مَراتبِ الإجماعِ»: واتَّفَقوا على أنَّ دَمَ الذِّميِّ الذي لم يَنقُضْ شَيئًا من ذِمتِه حَرامٌ (٣).

الفَرقُ بينَ البِرِّ بأهلِ الذِّمةِ وحُبِّهم والتَّودُّدِ لهم:

قالَ الإمامُ القَرافِيُّ : الفَرقُ بينَ قاعِدةِ بِرِّ أهلِ الذِّمةِ وبينَ قاعِدةِ التَّودُّدِ لهم: اعلَمْ أنَّ اللهَ تَعالى منَع من التَّودُّدِ لأهلِ الذِّمةِ بقَولِه تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾ [الممتحنة: ١] الآيةَ، فمنَعَ المُوالاةَ والتَّودُّدَ، وقالَ في الآيةِ الأُخرى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨)[الممتحنة: ٨].


(١) رواه أبو داود (٣٠٥٢).
(٢) رواه البخاري (٢٩٩٥)
(٣) «مراتب الإجماع» ص (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>