للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما إنْ قَدِمَ بعدَ أنْ تَزوَّجتْ فلا يَخلُو مِنْ حالتَينِ:

الحالةُ الأُولى: أنْ يَقدُمَ زَوجُها قبلَ أنْ يَدخلَ بها الزَّوجُ الثاني:

إذا قَدِمَ زَوجُها المَفقودُ بعدَ أنْ عقَدَ عليها الزوجُ الثاني لكنْ لم يَدخلْ بها فهِي للزَّوجِ الأولِ تُرَدُّ إليه، ولا شَيءَ على الثاني، وهذا مَذهبُ المالِكيةِ في المَشهورِ في «المُدوَّنة» وغيرِها والحَنابلةِ، فتَكونُ زوجةَ الأولِ؛ لأنَّ النكاحَ إنما صَحَّ في الظاهِرِ دونَ الباطنِ، فإذا قَدِمَ تَبيَّنَّا أنَّ النكاحَ كانَ باطِلًا؛ لأنه صادَفَ امرَأةً ذاتَ زَوجٍ، فكانَ باطِلًا كما لو شَهِدتْ بيِّنةٌ بمَوتِه، وليسَ عليه صَداقٌ؛ لأنه نكاحٌ فاسِدٌ لم يَتصلْ به دُخولٌ، وتَعودُ إلى الزوجِ بالعَقدِ الأولِ كما لو لم تَتزوَّجْ (١).

وذهَبَ الإمامُ مالِكٌ -كما في «المُوطَّأ» - إلى أنها تَفوتُ بمُجردِ عَقدِ الثاني، رَوى الإمامُ مالكٌ في «المُوطَّأ» عن يَحيى بنِ سَعيدٍ عن سَعيدِ بن المُسيبِ أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ قالَ: «أيُّما امرَأةٍ فقَدَتْ زوْجَها فلَم تَدرِ أينَ هو فإنها تَنتظرُ أربَعَ سِنينَ ثمَّ تَعتدُّ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرًا ثمَّ تَحِلُّ» (٢).


(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٤٥١)، و «الاستذكار» (٦/ ١٣٠، ١٣١)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٥٧٥)، و «المغني» (٨/ ١٠٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٩٤، ٤٩٥)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٥٧٠).
(٢) صَحِيحٌ: «الموطأ» (١١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>