لهم، وإنَّما خرَجَ بالوَصيةِ، فإذا بطَلَت الوَصيةُ رجَعَ إلى ما كانَ عليه كأنَّ الوَصيةَ لم تُوجَدْ.
ولو خَصَّ به الرادُّ واحدًا منهم لم يَتخصَّصْ وكانَ بينَ الكلِّ؛ لأنَّ المَردودَ عادَ إلى ما كانَ قبلَ الوَصيةِ فلا اختِصاصَ؛ لأنَّ رَدَّه امتِناعٌ من تَملُّكِه فيَبقَى على ما كانَ عليه، ولأنَّه لم يَملِكْ دَفعَه إلى أَجنبيٍّ فلم يَملِكْ دَفعَه إلى وارِثٍ يَخصُّه به.
وكلُّ مَوضعٍ امتنَعَ الرَّدُّ فيه لاستِقرارِ مِلكِه عليه فله أنْ يَختصَّ به واحدًا من الوَرثةِ؛ لأنَّه ابتِداءُ هِبةٍ ويَملِكُ أنْ يَدفعَه إلى أَجنبيٍّ، فملَكَ دَفعَه إلى وارِثٍ، فلو قالَ:«رَدَدت هذه الوَصيةَ لفُلانٍ»، قيلَ له: ما أرَدتَ بقَولِك: «لفُلانٍ»؟ فإنْ أراد تَمليكَه إياها وتَخصيصَه بها فقبِلها اختُصَّ بها، وإنْ قالَ:«أرَدتُ رَدَّها إلى جَميعِهم ليَرضَى فُلانٌ»، عادَت إلى جَميعِهم إذا قبِلوها، فإنْ قبِلَها بعضُهم دونَ بعضٍ فلمَن قبِلَ حِصتُه منها (١).
إذا رَدَّ الوَصيةَ بعدَ مَوتِ المُوصي هل له القَبولُ بعدَ ذلك؟
نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ على أنَّ المُوصَى له إذا رَدَّ الوَصيةَ بعدَ مَوتِ المُوصي ولم يَقبلْها لم يَكنْ له أنْ يَقبلَها بعدَ هذا الإِيجابِ كالبَيعِ.
(١) «المغني» (٦/ ٦٨، ٦٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٥٩).