وقالَ النَّوويُّ ﵀: لو سافَرَ في أثناءِ الوقتِ، وقد تَمكَّنَ مِنْ تلك الصَّلاةِ، فله قَصرُها في السَّفرِ عندَنا، وعندَ أَبي حَنيفةَ ومالِكٍ والجُمهورِ (١).
ذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلَةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الذي لم يَنوِ القَصرَ عندَ الإِحرامِ لا يَقصُرُ، بل يُتمُّ؛ لأنَّ نيَّةَ القَصرِ شَرطٌ في جَوازِه عندَ الإِحرامِ؛ ولأنَّ الإِتمامَ هو الأصلُ -أي: عندَهم-، وإِطلاقُ النِّيةِ يَنصرِفُ إلى الأصلِ، ولا يَنصرِفُ عنه إلا بتَعيينِ ما يَصرِفُه إليه؛ كما لو نَوى الصَّلاةَ مُطلَقًا، ولم يَنوِ إمامًا، ولا مَأمومًا؛ فإنَّه يَنصرِفُ إلى الانفِرادِ؛ إذ هو الأصلُ.
ومِثلُ نيَّةِ القَصرِ عندَ الشافِعيةِ ما لو نَوى الظُّهرَ مثلًا رَكعَتينِ، ولم يَنوِ تَرَخُّصًا، ومِثلُ النِّيةِ أيضًا ما لو قالَ: أُؤدِّي صَلاةَ السَّفرِ، كما قالَه المُتولِّي مِنْ الشافِعيةِ، فلو لم يَنوِ ما ذُكرَ بأن نَوى الإِتمامَ أو أطلَقَ أتَمَّ.
واشتَرَطوا أيضًا التَّحرُّزَ عمَّا يُنافي نيَّةَ القَصرِ في دَوامِ الصَّلاةِ، فلو نَوى الإِتمامَ بعدَ نيَّةِ القَصرِ أتَمَّ، ولو أَحرمَ قاصِرًا ثم تردَّدَ في أنَّه يَقصُرُ أو يُتمُّ، يُتمُّ، ولو شَكَّ في أَثناءِ الصَّلاةِ هل نَوى القَصرَ في ابتِدائِها أو لا، لزِمَه إِتمامُها احتِياطًا، وإن تذكَّرَ في الحالِ أنَّه نَواهُ؛ لأنَّه أدَّى جُزءًا مِنْ صَلاتِه حالَ التَّردُّدِ على التَّمامِ. ولو نَوى الإِتمامَ أو ائتَمَّ بمُقيمٍ ففسَدَتِ الصَّلاةُ، وأرادَ إِعادتَها