اختلَف العُلماءُ في مِلْكِ المَبيعِ في زَمَنِ الخِيارِ، هل يَنتَقِلُ المِلْكُ إلى المُشتَرِي في بَيعِ الخيارِ بالعَقدِ نَفْسِه أو لا؟
فظاهِرُ المَذهبِ عندَ الحَنابِلةِ وهو أحَدُ أقوالِ الشافِعيِّ والمالِكيَّةِ أنَّ المِلْكَ يَنتَقِلُ إلى المُشتَرِي في بَيعِ الخيارِ بالعَقدِ نَفْسِه؛ لأنَّ البَيعَ تَمليكٌ، بدَليلِ قَولِه: مَلَّكتُكَ، فيثبُتُ به المِلْكُ، كسائِرِ البَيعِ، يُحقِّقُه أنَّ التَّمليكَ يَدلُّ على نَقلِ المِلْكِ إلى المُشتَرِي ويَقتَضيه لَفظُه، والشَّرعُ قد اعتَبَرَه وقَضى بصِحَّتِه، فيَجِبُ أنْ يَعتبِرَه فيما يَقتَضيه ويَدلُّ عليه لَفظُه، وثُبوتُ الخيارِ فيه لا يُنافيه، كما لو باعَ عَرضًا بعَرضٍ، فوجَد كلُّ واحِدٍ منهما بما اشتَراه عَيبًا، وجَوازُ فَسخِه لا يُوجِبُ قُصورَه، ولا يَمنَعُ نَقلَ المِلْكِ، كبَيعِ المَعيبِ، وامتِناعُ التَّصرُّفِ إنَّما كانَ لِأجْلِ حَقِّ الغيرِ، فلا يَمنَعُ ثُبوتَ المِلْكِ، كالمَرهونِ والمَبيعِ قبلَ القَبضِ.
وذهَب المالِكيَّةُ في المَشهورِ والشافِعيُّ في قَولٍ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ المِلْكَ لا يَنتقِلُ لِلمُشتَرِي حتى يَنقَضيَ الخِيارُ، وإنَّما يَكونُ المِلْكُ فيه لِلبائِعِ، والضَّمانُ منه.