للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ البَيعِ والسَّلَفِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه لا يَجوزُ البَيعُ بشَرطِ السَّلَفِ مِنْ أحَدِ المُتبايعَيْنِ، وعلى أنَّه بَيعٌ فاسِدٌ (١).

وهو أنْ يَقولَ: بِعتُكَ هذه السِّلعةَ بمِئةٍ -مَثَلًا- على أنْ تُسلِفَني سَلَفًا كذا، أو تُقرِضَني قَرضًا؛ لأنَّ النَّبيَّ نَهَى عَنْ بَيعٍ وَسَلَفٍ (٢).

قال ابنُ قُدامةَ : ولو باعه بشَرطِ أنْ يُسلِفَه أو يُقرِضَه، أو شَرَط المُشتَري ذلك عليه فهو مُحرَّمٌ، والبَيعُ باطِلٌ، وهذا مَذهبُ مالِكٍ والشافِعيِّ، ولا أعلَمُ فيه خِلافًا إلا أنَّ مالِكًا قال: إنْ تَرَكَ مُشترِطُ السَّلَفِ السَّلَفَ صَحَّ البَيعُ.

ولنا: ما رَوى عَبدُ اللهِ بنُ عُمرٍو أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَم يَضْمَنْ، وَعَنْ بَيعِ مَا لَم يَقْبِضْ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَعَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيعٍ، وَعَنْ بَيعٍ وَسَلَفٍ. أخرَجَه أبو داودَ والتِّرمذيُّ، وقال: حَديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ، وفي لَفظٍ: «لَا يَحِلُّ بَيعٌ وَسَلَفٌ»؛ ولأنَّه اشتَرَط عَقدًا في عَقدٍ فَسَد، كبَيعتَيْنِ في بَيعةٍ.

ولأنَّه إذا اشتَرَط القَرضَ زادَ في الثَّمنِ لِأجْلِه، فتَصيرُ الزِّيادةُ في الثَّمَنِ عِوَضًا عن القَرضِ ورِبحًا له، وذلك رِبًا مُحرَّمٌ، ففَسَد كما لو صرَّح به.


(١) «الإفصاح» (١/ ٤٠٦)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٢١)، و «القوانين الفقهية» (١٧٢).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٥٠٣)، والترمذي (١٢٣٤)، والنسائي (٤٦١١)، وابن ماجه (٢١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>