للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَفسُدُ المُفاوضةُ بينَهما، وإنْ كان لِأحَدِهما مالٌ على حِدةٍ لَم يُدخلِهْ في المُفاوضةِ (١).

وقال الحَنابِلةُ: والمُفاوضةُ أنْ يُفوِّضَ كلُّ واحِدٍ منهما إلى الآخَرِ كلَّ تَصرُّفٍ ماليٍّ وبَدنيٍّ مِنْ أنواعِ الشَّركةِ في كلِّ وَقتٍ ومَكانٍ على ما يَرى، والرِّبحُ على ما شرَطا، والوَضيعةُ بقَدْرِ المالِ؛ فتَكونُ شَركةَ عِنانٍ أو وُجوهٍ أو أبدانٍ، وتَكونُ مُضاربةً (٢).

حُكمُ شَركةِ المُفاوضةِ:

اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ شَركةِ المُفاوضةِ، هل هي صَحيحةٌ وجائِزةٌ أو فاسِدةٌ؟

فذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ إلى أنَّ شَركةَ المُفاوضةِ جائِزةٌ، واستدلَّ الحَنفيَّةُ بما رُويَ مَرفوعًا: «تَفاوَضوا؛ فإنَّه أعظَمُ لِلبَركةِ»، وقَولُه: «إذا تَفاوَضتُم فأحسِنوا المُفاوَضةَ»، ولأنَّها مُشتمِلةٌ على أمرَيْن جائِزَيْن، وهُما الوَكالةُ والكَفالةُ؛ لأنَّ كلَّ واحِدةٍ منهما جائِزةٌ حالَ الانفِرادِ، وكذا حالَ الاجتِماعِ، كالعِنانِ، ولأنَّها طَريقُ استِنماءِ المالِ أو تَحصيلِه، والحاجةُ إلى ذلك مُتحقَّقةٌ، فكانت جائِزةً كالعِنانِ.

وهي جائِزةٌ استِحسانًا عندَ الحَنفيَّةِ، وفي القياسِ: لا تَجوزُ.


(١) «الكافي» (١/ ٣٩٢)، و «المعونة» (٢/ ١٣٩)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٤٢)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٤٣)، و «مواهب الجليل» (٤/ ١٤٦)، و «القوانين الفقهية» (١/ ١٨٧).
(٢) «الإنصاف» (٥/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>