للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : فأمَّا زَكاةُ الفِطرِ فإنَّه يُفرِّقُها في البَلدِ الذي وجَبَت عليه فيه، سَواءٌ كانَ مالُه فيه أو لم يَكنْ؛ لأنَّه سَببُ وُجوبِ الزَّكاةِ، ففُرِّقت في البَلدِ الذي سَببُها فيه (١).

استدَلَّ الفُقهاءُ على أنَّ إِخراجَ الزَّكاةِ إنَّما هو مَكانُ المُزكِّي بما رَواه ابْنُ عَباسٍ : أَنَّ النَّبيَّ بعَثَ مُعاذًا إلى اليَمنِ، فقالَ: «ادعُهم إلى شَهادةِ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنِّي رَسولُ اللهِ، فإنْ هم أَطاعُوا لذلك، فأعلِمهُم أنَّ اللهَ قد افتَرضَ عليهم خَمسَ صَلَواتٍ فِي كلِّ يَومٍ ولَيلةٍ، فإِنْ هم أَطاعُوا لذلك، فأَعلِمهُم أنَّ اللهَ افتَرضَ عليهم صَدقةً فِي أَموالِهم تُؤخذُ مِنْ أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقَرائِهم» (٢).

وَجهُ الاستِدلالِ من هذا الحَديثِ هو ما اشتَملَ عليه من قَولِه : «تُؤخَذُ مِنْ أَغنِيائِهم وتُردُّ على فُقَرائِهم» والضَّميرُ في قَولِه: «فُقَرائِهم» يَعودُ على فُقراءِ أهلِ البَلدِ، وهذا هو الأظهَرُ؛ لأنَّ مُعاذًا أُرسِلَ إلى أهلِ اليَمنِ، والضَّميرُ في قَولِه: «أَغنِيائِهم» يَعودُ على أهلِ اليَمنِ أيضًا، فكذلك في فُقرائِهم حتى يَستقيمَ اللَّفظُ والمَعنى.

حُكمُ اختِلافِ مَكانِ المُؤدِّي والمُؤدَّى عنه:

اختَلفَ الفُقهاءُ في مَكانِ إِخراجِ زَكاةِ الفِطرِ إذا اختَلفَ مَكانُ المُؤدِّي والمُؤدَّى عنه على قولَينِ:


(١) «المغني» (٣/ ٤٤٨).
(٢) رواه البخاري (١٣٣١)، ومسلم (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>