فقالَ ابنُ مُنَجَّا في شَرحِه: لا قِصاصَ عليهِ ولا على الآمِرِ، أما الأولُ فلِأنَّه غيرُ مكلَّفٍ، وأما الثاني فلِأنَّ تَمييزَه يَمنعُ أنْ يَكونَ كالآلةِ، فلا قوَدَ على واحِدٍ مِنهُما، وقالَ في «الفُروع»: ومَن أمَرَ صَبيًّا بالقتلِ فقتَلَ لَزمَ الآمِرَ، فظاهِرُه إدخالُ المميِّزِ في ذلكَ (١).
حُكمُ مَنْ قتَلَ غيرَه بالسِّحرِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن سحَرَ غيرَه فقتَلَه بسِحرِه، هل يُقتصُّ منه أم لا؟
وقالَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ: هذا إذا كانَ سِحرُه يَقتلُ مثلُه غالِبًا لَزمَه القَودُ؛ لأنه قتَلَه بما يَقتلُ غالبًا، فأشبَهَ ما لو قتَلَه بالسِّكينِ.
وإنْ كانَ مما لا يَقتلُ غالبًا أو كانَ مما يَقتلُ أو لا يَقتلُ ففيهِ الدِّيةُ دُونَ القِصاصِ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ؛ لأنه عَمدُ الخَطأِ، فأشبَهَ ضرْبَ العصَا.
وإنْ قالَ الساحِرُ:«لا أعلَمُه قاتِلًا» لم يُقبَلْ قولُه على الصَّحيحِ عندَ الحَنابلةِ؛ لأنه خِلافُ الظاهرِ.
وقالَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ: يُقبَلُ قَولُه وعليهِ الديَةُ مُخفَّفةً إنْ قالَ: «سِحرِي لا يَقتلُ»، ومُغلَّظةً إنْ قالَ:«قد يَقتلُ وقد لا يَقتلُ»، والغالبُ منه السَّلامةُ.
(١) «الإنصاف» (٩/ ٤٥٣، ٤٥٤)، و «المغني» (٨/ ٢٨٨)، و «المبدع» (٨/ ٢٥٧).