وقالَ أكثَرُ الحَنابِلةِ: هي إجارةٌ؛ لأنَّها مَذكورةٌ بلَفظِها، فتَكونُ إجارةً حَقيقيَّةً، ويُشترَطُ فيها شُروطُ الإجارةِ.
وَتَصحُّ إجارةُ الأرضِ بطَعامٍ مَعلومٍ بجِنسِ الخارِجِ مِنها، أو مِنْ غَيرِه، بأنْ أجَّرَها سَنةً لِزَرعِ بُرٍّ بقَفيزِ بُرٍّ أو بقَفيزِ شَعيرٍ، كَما لَو أجَّرَها بدَراهِمَ مَعلومةٍ.
وَعَنِ الإمامِ أحمدَ: لا تَصحُّ الإجارةُ بجُزءٍ ممَّا يَخرُجُ مِنْ الأرضِ.
وَقيلَ: تُكرَهُ.
وَتَصحُّ المُساقاةُ بالمُعاطاةِ، وكَذا القَبولُ، فلا تَفتقِرُ المُساقاةُ والمُزارَعةُ إلى القَبولِ لَفظًا، بَلْ يَكفي الشُّروعُ في العَملِ قَبولًا، كالوَكيلِ (١).
هل لِلعاملِ أنْ يُساقيَ غَيرَه؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في عامِلِ المُساقاةِ، هَلْ له أنْ يُساقيَ غَيرَه؟ أم لا يَجوز له أنْ يُساقيَ غيرَه إلَّا بإذْنِ المالِكِ؟
فذهبَ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ إلى أنَّه يَجوزُ لِلعاملِ في المُساقاةِ أنْ يُساقيَ غيرَه بغَيرِ إذْنِ ربِّ الحائِطِ إذا كانَ أمينًا، ولَو كانَ أقَلَّ أمانةً مِنه، لا غيرَ أمينٍ، فلا تَجوزُ مَساقاتُه، وإنْ كانَ الأولُ مِثلَه في عَدَمِ الأمانةِ؛ لأنَّ ربَّ الحائِطِ رُبَّما رَغِبَ في الأولِ؛ لِأمْرٍ لَيسَ في الثَّاني، كَما نَصَّ على ذلك
(١) «المغني» (٥/ ٢٣١)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٥٥٨)، و «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٦٢)، و «المبدع» (٥/ ٤٧)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٦٧، ٤٦٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٢٥، ٦٢٦، ٦٣١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٦٠٣، ٦٠٤)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٥٥٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute